> المسجد أن يأتي قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، لأن السلف لم يكونوا يفعلون ذلك . قال: ولن يصلح آخر > هذه الأمة إلا ما أصلح أولها ، بل كان الصحابة والتابعون يأتون إلى مسجده صلى الله عليه وسلم فيصلون > خلف أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم ، ثم إذا قضوا الصلاة قعدوا ، أو خرجوا > ولم يكونوا يأتون القبر للسلام ، لعلمهم أن الصلاة والسلام عليه في الصلاة أكمل وأفضل . > > وأما دخولهم عند قبره للصلاة والسلام عليه هناك أو للصلاة والدعاء فلم يشرعه لهم > بل نهاهم بقوله: ' لا تتخذوا قبري عيداً وصَلوا علي فإن صلاتكم تبلُغني ' فبين أن الصلاة > تصل إليه من بعد وكذلك السلام . ولعن من اتخذ قبور الأنبياء مساجد ، وكانت الحجرة > في زمانهم يُدخل إليها من الباب إذ كانت عائشة فيها ، وبعد ذلك إلى أن بني الحائط > الآخر . وهم مع ذلك التمكن من الوصول إلى قبره لا يدخلون إليه لا لسلام ولا لصلاة ولا > لدعاء لأنفسهم ولا لغيرهم ، ولا لسؤال عن حديث أو علم ، ولا كان الشيطان يطمع فيهم > حتى يسمعهم كلاماً أو سلاماً فيظنون أنه هو كلمهم وأفتاهم وبين لهم الأحاديث أو أنه قد > رد عليهم السلام بصوت يسمع من خارج كما طمع الشيطان في غيرهم ، فأضلهم عن قبره > وقبر غيره ، حتى ظنوا أن صاحب القبر يأمرهم وينهاهم ويفتيهم ويحدثهم في الظاهر ، وأنه > يخرج من القبر ويرونه خارجاً من القبر ، ويظنون أن نفس أبدان الموتى خرجت تكلمهم ، > وأن روح الميت تجسدت لهم ، فرأوها كما رآهم النبي صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج . والمقصود أن > الصحابة ما كانوا يعتادون الصلاة والسلام عليه عند قبره ، كما يفعله من بعدهم من > الخلوف ، وإنما كان بعضهم يأتي من خارج فيسلم عليه إذا قدم من سفر ، كما كان ابن عمر > رضي الله عنه يفعل . قال عبيد الله بن عمر عن نافع: كان ابن عمر إذا قدم من سفر أتى قبر > النبي صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليك يا رسول الله ، السلام عليك يا أبا بكر ، السلام عليك يا أبتاه ، > ثم ينصرف . > > قال عبيد الله: ما نعلم أحداً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك إلا ابن عمر . وهذا يدل > على أنه لا يقف عند القبر للدعاء إذا سلم كما يفعله كثير . قال شيخ الإسلام: إن ذلك لم > ينقل عن أحد من الصحابة ، فكان بدعة محضة وفي ' المبسوط ' قال مالك: لا أرى أن يقف > عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم ولكن ليسلم ويمضي . والحكاية التي رواها القاضي عياض بإسناده عن > مالك في قصته مع المنصور وأنه قال لمالك: يا أبا عبد الله استقبل القبلة وأدعو أم أستقبل > رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال: ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم إلى الله يوم > القيامة ، بل استقبله واستشفع به يشفعه الله فيك . فهذه الرواية ضعيفة ، أو موضوعة لأن في > إسنادها من يتهم محمد بن حميد ومن يجهل حاله . >