> > ونص أحمد أنه يستقبل القبلة ، ويجعل الحجرة عن يساره لئلا يستدبره وذلك بعد > تحيته والسلام عليه ، فظاهر هذا أنه يقف للدعاء بعد السلام . وذكر أصحاب مالك أنه يدعو > مستقبلاً القبلة يوليه ظهره . وبالجملة فقد اتفق الأئمة على أنه إذا دعا لا يستقبل القبر وتنازعوا > هل يستقبله عند السلام عليه أم لا ؟ ومن الحجة في ذلك ما روى ابن زباله وهو في ' أخبار > المدينة ' عن عمر بن هارون ، عن سلمة بن وردان وهما ساقطان قال: رأيت أنس بن مالك > يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يسند ظهره إلى جدار القبر ، ثم يدعو . > > وفي الحديث دليل على منع شد الرحال إلى قبره صلى الله عليه وسلم ، وإلى غيره من القبور > والمشاهد ، لأن ذلك من اتخاذها أعياداً ، بل من أعظم أسباب الإشراك بأصحابها ، كما وقع > من عباد القبور الذين يشدون إليها الرحال ، وينفقون في ذلك الكثير من الأموال ، وليس لهم > مقصود إلا مجرد الزيارة للقبور تبركاً بتلك القباب والجدران فوقعوا في الشرك . وهذه > المسألة التي أفتى فيها شيخ الإسلام أعني من سافر لمجرد زيارة قبور الأنبياء والصالحين ، > ومشاهدهم ونقل فيها اختلاف العلماء في الإباحة والمنع ، فمن مبيح لذلك كأبي حامد > الغزالي وأبي محمد المقدسي ، ومن مانع لذلك كابن بطة وابن عقيل وأبي محمد الجويني > والقاضي عياض ، وهو قول الجمهور نص عليه مالك ولم يكن يخالفه أحد من الأئمة وهو > القاضي عياض ، وهو قول الجمهور نص عليه مالك ولم يكن يخالفه أحد من الأئمة وهو > الصواب . فقام عليه بعض المعاصرين له كالسبكي ونحوه فنسبه إلى إنكار الزيارة مطلقاً وهو > لم ينكر منها إلا ما كان بشد رحل ، كما أنكره جمهور العلماء قبله أو الزيارة التي يكون فيها > دعاء الأموات والاستغاثة بهم في الملمات ، مع ما ينضم إلى ذلك من أنواع المنكرات . > > ومما يدل على النهي عن شد الرحال إلى القبور ونحوها ما أخرجاه في ' الصحيحين ' > عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ' لا تَشدُ الرِّحالُ إِلا إِلى ثلاثةِ مَساجد: المسجد الحَرام ، > ومسجدي هذا ، والمسجد الأقصى ' فدخل في ذلك شدها لزيارة القبور والمشاهد فإما أن > يكون نهياً ، وإما أن يكون نفياً للاستحباب . وقد جاء في رواية في ' الصحيح ' بصيغة النهي > صريحاً فتعين أن يكون للنهي . ولهذا فهم منه الصحابة المنع ، كما في ' الموطأ ' و ' السنن ' > عن بصرَة بن أبي بصرَة الغفاري أَنهُ قال لأبي هريرة وقد أقبل من الطور: لو أدركتك قبل أن > تخرج إليه لما خرجت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: ' لا تُعْملُ المَطِي إلا إلى ثَلاثَةِ مساجد > المسجد الحَرام ، ومسجدي هذا ، والمسجد الأقصى ' . >