> وعن أبي سعيد الخدري مرفوعاً ' الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام ' رواه أحمد > وأهل السنن ، وصححه ابن حبان والحاكم من طرق على شرط الشيخين ، وفي ' صحيح > البخاري ' أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه رأى أنس بن مالك يصلي عند قبر فقال: القبر > القبر . > > وهذا يدل على أنه كان من المستقر عند الصحابة ما نهاهم عنه نبيهم صلى الله عليه وسلم ، من الصلاة > عند القبور . وفعل أنس لا يدل على اعتقاد جوازه ، فإنه لعله لم يره ، ولم يعلم أنه قبر أو > ذهل عن ، فهلما نبهه عمر تنبه . > > وفي هذا كله إبطال قول من زعم أن النهي عن الصلاة فيها لأجل النجاسة ، فهذا أبعد > شيء عن مقاصد الرسول صلى الله عليه وسلم ، بل العلة في ذلك الخوف على الأمة أن يقعوا فيما وقعت فيه > اليهود والنصارى ، وعباد اللات والعزى من الشرك ، ويدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن اليهود > والنصارى على اتخاذ قبور أنبيائهم مساجد ، ومعلوم قطعاً أن هذا ليس لأجل النجاسة ، > لأن قبور الأنبياء من أطهر البقاع ، فإن الله حرم على الأرض أن تأكل أجسادهم ، فهم في > قبورهم طريون . > > وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم متخذي المساجد عليها وموقدي السرج عليها ، ومعلوم إن إيقاد > السرج عليها إنما هو لعن فاعله ، لكونه وسيلة إلى تعظيمها وجعلها نصباً يوفض إليها > المشركون كما هو الواقع ، فهكذا اتخاذ المساجد عليها . > > قال ابن القيم: وبالجملة فمن له معرفة بالشرك وأسبابه ، وذرائعه ، وفهم عن > الرسول صلى الله عليه وسلم مقاصده جزم جزماً لا يحتمل النقيض ، أن هذه المبالغة واللعن والنهي > بصيغتيه: صيغة ( لا تفعلوا ) وصيغة ( إني أنهاكم ) ليس لأجل النجاسة ، بل هو لأجل نجاسة > الشرك اللاحقة بمن عصاه ، وارتكب ما عنه نهاه واتبع هواه ولم يخش ربه ومولاه ، وقل > نصيبه ، أو عدم من تحقيق لا إله إلا الله ، فإن هذا وأمثاله من النبي صلى الله عليه وسلم صيانة لحمى > التوحيد أن يلحقه الشرك ويغشاه ، وتجريد له وغضب لربه أن يعدل به سواه ، فأبى >