> ش: قال أبو حيان: ' كم ' خبرية ومعناها: التكثير وهي في موضع رفع بالابتداء والخبر > ' لا تغني ' والغناء جلب النفع ، ودفع الضرر بحسب الأمر الذي يكون فيه الغناء . و ' كم ': > لفظها مفرد ، ومعناها جمع . وإذا كانت الملائكة المقربون لا تغني شفاعتهم إلا بعد إذن الله > ورضاه أن يرضاه أهلاً للشفاعة ، فكيف تشفع الأصنام لمن عبدها ؟ قلت: في هذه الآيات من > الرد على من عبد الملائكة والصالحين لشفاعة أو غيرها ما لا يخفى ، لأنهم إذا كانوا لا > يشفعون إلا بإذن من الله ابتداء ، فلأي معنى يدعون ويعبدون ؟ وأيضاً فإن الله لا يأذن إلا > لمن ارتضى قوله وعمله ، وهو الموحد لا المشرك كما قال: ^ ( يَوْمئذٍ لا تنفع الشفعة إِلا مَن > أَذن له الرحمن ورضى له قولا * ) ^ [ طه: 109 ] والله لا يرتضي إلا التوحيد كما قال: ^ ( وَمن > يبتغ غير الإسلم ديناً فلن يقبل منه وهو في الأخرة من الخسرين * ) ^ [ آل عمران: 85 ] وقال > النبي [ صلى الله عليه وسلم ] : ' أسعد الناس بشفاعتي من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه ' فلم يقل: أسعد > الناس بشفاعتي من دعاني . فإن قال المشرك: أنا أعلم أنهم لا يشفعون إلا بإذنه لكن أدعوهم > ليأذن الله لهم في الشفاعة لي . قيل: فإن الله لم يجعل الشرك به ودعاء غيره سبباً لإذنه > ورضاه ، بل ذلك سبب لغضبه ، ولهذا نهى عن دعاء غيره في غير آية كقوله: ^ ( وَلا تدع من > دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذاً من الظلمين * ) ^ [ يونس: 106 ] . > > فتبين أن دعاء الصالحين من الملائكة والأنبياء وغيرهم شرك كما كان المشركون > الأولون يدعونهم ليشفعوا لهم عند الله ، فأنكر الله عليهم ذلك ، وأخبر أنه لا يرضاه ، ولا > يأمر به كما قال تعالى: ^ ( ولاَ يأمركم أن تتخذوا الملئكة والنبين أرباباً أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم > مسلمون * ) ^ [ آل عمران: 80 ] وقال تعالى: ! 2 < إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب > 2 ! [ البقرة: 166 ] . > > قال ابن كثير: تبرأت منهم الملائكة الذين كانوا يزعمون أنهم يعبدونهم في الدنيا: > فتقول الملائكة: تبرأنا إليك ما كانوا إيانا يعبدون . وقال تعالى: ^ ( وَإذ قال الله يَعِسى ابن > مريم ءأَنت قُلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون اللهِ قَال سُبحَنَك ما يكونُ لي أن أَقولُ ما ليس > لِي بِحق ) ^ [ المائدة: 116 ] وقال تعالى: ! 2 < قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا > 2 ! [ الإسراء: 56 ] روى سعيد بن منصور والبخاري والنسائي وابن > جرير عن ابن مسعود في الآية: كان نَفَر من الإنس يعبدُون نفراً من الجن فأسَلم نفرٌ من >