فهرس الكتاب
الصفحة 60 من 437

(اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في يمننا) قالوا يارسول الله: وفي نجدنا؟ قال: (اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في يمننا) قالوا يارسول الله:

وفي نجدنا؟ فأظنه قال في الثالثة: (هناك الزلازل والفتن وبها يطلع قرن الشيطان) [1]

والحاصل: أن المشرق اختص بمزيد من تسلط الشيطان عليه، وأنه رأس الكفر، ومنبع الفساد، وبؤر الإلحاد والعناد، فجهته ممقوتة غير محمودة، فلذلك ضرب النبي - عليه السلام - به المثل بقرني الشيطان.

وقد تسلط الشيطان وأعوانه على تلك الديار أيَّما تسلط.

ومن تسلطه عليه نتج الفساد العريض، والفتن العاصفة المهلكة، عبر الأزمان الغابرة والمعاصرة، كقتل عثمان بن عفان والحسين بن علي ـ - رضي الله عنهم - أجمعين ـ، وموقعة الجمل وصفين، وظهور الفرق المارقة، وحركة القرامطة، وغزو التتار، وغيرها.

ويجدر التنبيه هنا من أنه ليس المراد من ظهور الفتن من المشرق ـ لاسيما العراق ـ ووقوع الزلازل بها، وطلوع قرن الشيطان منها، وأنها رأس الكفر والطغيان، أن أولياء الله لم يوجدوا هناك أو لا يوجدون في المستقبل، بل المراد من تلك الأحاديث أن بلاد العراق وأرض الكوفة منبع لظهور الفتن والزلازل، وجديرة بصدور الشرور والبدع، وأنواع الضلال أكثر من غيرها.

فإذا كان الأمر كذلك فإن الله ـ بحكمته ورحمته سبحانه ـ يبعث من تلك البلاد جهابذة وفحولاً من العلماء ومشاهير الأئمة والأنصار، ونحارير المجتهدين، ليتم حجته على أهلها، وارتحل إليها بعض الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ واستوطنوها، وتولَّد كبار أئمة التابعين في الكوفة والبصرة وبغداد، وانتقل الإمام الشافعي - رحمه الله - من مكة إلى العراق لنشر الكتاب وإشاعة السنة، وكان يُلقب هناك بناصر السنة.

وولد بالعراق نفسها إمام أهل السنة والجماعة الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله - وغيره [2] من كبار العلماء.

(1) أخرجه البخاري، كتاب الفتن، باب قول النبي - عليه السلام - (الفتنة من قبل المشرق) 6/ 2598 (6681) .

(2) انظر: أكمل البيان في شرح حديث نجد قرن الشيطان، حكيم محمد أشرف سندهو، تحقيق: عبدالقادر بن حبيب الله السندي، ط. الأولى (الباكستان: حديث أكادمي 1402 هـ/ 1982 م) ص 110 و 111.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام