فَكَانَ يَنْظُرُ إِلَى أَصْغَرِهِمْ فَيَقُولُ: (إِنْ يَعِشْ هَذَا لا يُدْرِكْهُ الْهَرَمُ حَتَّى تَقُومَ عَلَيْكُمْ سَاعَتُكُمْ) [1] أي موتهم، والمراد ساعة المخاطبين. [2]
وعن عَبْد اللَّهِ بْن عُمَر - رضي الله عنهما - قَالَ: صَلَّى النَّبِيُّ - عليه السلام - صَلاةَ الْعِشَاءِ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ، فَلَمَّا سَلَّمَ قَامَ النَّبِيُّ - عليه السلام - فَقَالَ: (أَرَأَيْتَكُمْ لَيْلَتَكُمْ هَذِهِ؟ على رَأْسَ مِائَةٍ سنة منها لا يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ أَحَدٌ) .
قال ابن عُمَرَ: فَوَهِلَ النَّاسُ فِي مَقَالَةِ رَسُولِ اللَّهِ - عليه السلام - تلك، فيمَا يَتَحَدَّثُونَ مِنْ هَذِهِ الأَحَادِيثِ عَنْ مِائَةِ سَنَةٍ، وَإِنَّمَا قَالَ النَّبِيُّ - عليه السلام: (لا يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ الْيَوْمَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ أحد) يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنَّهَا تَخْرِمُ ذَلِكَ الْقَرْنَ. [3]
الثالث: الساعة الكبرى: والمراد بها القيامة الكبرى، وموت المخلوقات
إلا من شاء الله، ثم بعثهم من قبورهم للحساب والجزاء.
وإذا أطلق لفظ: (قيام الساعة) في الكتاب والسنة فالمراد الساعة الكبرى، وهي القيامة، وقد جاءت بهذا المعنى في القرآن في تسعة وثلاثين موضعاً منها:
قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا} [الأنعام: 31] .
وقوله تعالى: {وَإِنَّ السَّاعَةَ لآَتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ} [الحجر: 85] .
وقوله تعالى: {وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [النحل: 77] .
وأما في السنة فقد جاءت في عدد من الأحاديث منها:
(1) أخرجه البخاري، كتاب الرقاق، باب سكرات الموت 5/ 2387 (6146) ومسلم، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب قرب الساعة 4/ 2269 (2952) .
(2) انظر: فتح الباري 11/ 442.
(3) أخرجه البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، باب السمر في الفقه والخير بعد العشاء 1/ 216 (576) ومسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب قوله - عليه السلام: (لاتأتي مائة سنة وعلى الأرض نفس منفوسة اليوم) 4/ 1965 (2537) .