فهرس الكتاب
الصفحة 230 من 437

وليس كل من كتب وصنف عالم، ولا كل من ضعف وصحح محدث، فإن التصحيح والتضعيف له قواعد وضوابط ألف فيها أهل العلم بالحديث، صيانة له من العبث، ودخول ماليس منه فيه.

3 _ تعظيم النص بأن يكون حكماً على الواقع لا العكس:

يقول الإمام ابن أبي العز الحنفي - رحمه الله - [1] : (فالواجب كمال التسليم للرسول - عليه السلام -، والانقياد لأمره، وتلقي خبره بالقبول والتصديق، دون أن نعارضه بخيال باطل نسميه معقولا، أو نحمله شبهة أو شكاً، أو نقدم عليه آراء الرجال وزبالة أذهانهم، فنوحده بالتحكيم والتسليم والانقياد والإذعان، كما نوحد المُرسِل بالعبادة والخضوع والذل والإنابة والتوكل) [2] .

وبعض من تكلم في هذا الباب _أي أشراط الساعة _ جعل الواقع حكماً على النص، فتراه يحكم على النص بالبطلان أو يعطل دلالته أو يتأوله على غير وجهه، وكان الواجب أن يُحكم النص ويقدم على كل شيء.

وقد حمل التأثر بالواقع بعض الكتاب إلى إنكار أحاديث المهدي وعيسى بن مريم - عليها السلام -، لما رأوا أنها عند المتوهمين مدعاة للتواكل عليها وترك العمل لعز الإسلام من أجلها، وكان الأحرى بهم معالجة الواقع وإبطال هذا المفاهيم الخاطئة، والإبقاء على قدسية النص.

(1) ابن أبي العز: هو صَدرُ الدين أبو الحسن عليُّ بن علاءِ الدين الدمشقي الصالحيَّ الحنفي. ولد ونشأ في دمشق عام 731 هـ، في كنف أسرة جميعُ أفرادها كانوا على مذهب أبي حنيفة، ومعظمهم قد تولى القضاء في الشام. نال من الأذى ما نال غيره من العلماء. توفي عام 792 هـ. انظر: هداية العارفين 1/ 726، وشذرات الذهب 6/ 326.

(2) شرح العقيدة الطحاوية ص 200، وانظر: الحجة في بيان المحجة، قوام السنة أبو القاسم الأصبهاني، تحقيق: محمد بن ربيع المدخلي ومحمد أبو رحيم، ط. الأولى (الرياض: دار الراية 1411 هـ) 2/ 509، والصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة، ابن قيم الجوزية، تحقيق: د. علي بن محمد الدخيل الله، ط. الثانية (الرياض: دار العاصمة 1412 هـ) 2/ 783.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام