> > قال ابن رجب: أما معنى الحديث ، فهو أن الإنسان لا يكون مؤمناً كامل الإيمان > الواجب حتى تكون محبته تابعة لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من الأوامر والنواهي وغيرها ، > فيحب ما أمر به ، ويكره ما نهى عنه . وقد ورد القرآن بمثل هذا في غير موضع ، وذم > سبحانه من كره ما أحبه الله تعالى ، أو أحب ما كره الله كما قال: ^ ( ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل > الله فأحبط أعملهم * ) ^ [ محمد: 9 ] وقال: ^ ( ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا > رضوانه فأحبط أعملهم * ) ^ [ محمد: 28 ] فالواجب على كل مؤمن أن يحب ما أحب الله > محبة توجب له الإتيان بما وجب عليه منه ، فإن زادت المحبة حتى أتى بما ندب إليه منه كان > ذلك فضلاً . وأن يكره ما كرهه الله كراهة توجب له الكف عما حرم عليه منه ، فازدادت > الكراهة حتى أوجبت الكف عما كرهه تنزيهاً كان ذلك فضلاً . > > فمن أحب الله ورسوله محبة صادقة من قلبه ، أوجب ذلك له أن يحب بقلبه ما يحبه الله > ورسوله ، ويكره ما يكرهه الله ورسوله . ويرضى بما يرضى به الله ورسوله ، ويسخط ما > يسخط الله ورسوله ، وأن يعمل بجوارحه بمقتضى هذا الحب والبغض . > > فإن عمل بجوارحه شيئاً يخالف ذلك ، بأن ارتكب بعض ما يكرهه الله ورسوله ، أو > ترك بعض ما يحبه الله ورسوله مع وجوبه والقدرة عليه ، دل ذلك على نقص محبته الواجبة ، > فعليه أن يتوب من ذلك ، ويرجع إلى تكميل المحبة الواجبة . فجميع المعاصي تنشأ من تقديم > هوى النفس على محبة الله ورسوله ، وقد وصف الله المشركين باتباع الهوى في مواضع من > كتابه فقال تعالى: ! 2 < فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم > 2 ! [ القصص: 50 ] ، > وكذلك البدع إنما تنشأ من تقديم الهوى على الشرع ، ولهذا سمي أهلها أهل الأهواء ، > وكذلك المعاصي إنما تقع من تقديم الهوى على محبة الله ، ومحبة ما يحبه الله ، وكذلك > حب الأشخاص الواجب فيه أن يكون تبعاً لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم . فيجب على المؤمن > محبة ما يحبه الله من الملائكة والرسل والصديقين ، والأنبياء والشهداء والصالحين عموماً . > ولهذا كان علامة وجود حلاوة الإيمان ' أن يحب المرء لا يحبه إلا لله ' وتحرم موالاة أعداء > الله ومن يكرهه الله عموماً ، وبهذا يكون الدين كله لله ، و ' من أحب لله ، وأبغض لله ، وأعطى > لله ، ومنع لله ، فقد استكمل الإيمان ' . ومن كان حبه ، وبغضه ، وعطاؤه ، ومنعه ، لهوى > نفسه ، كان ذلك نقصاً في إيمانه الواجب ، فتجب عليه التوبة من ذلك ، والرجوع إلى اتباع > ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من تقديم محبة الله ورسوله ، وما فيه رضى الله ورسوله على هوى > النفس ومرادها . انتهى ملخصاً . > > ومطابقة الحديث للباب ظاهرة من جهة أن الرجل لا يؤمن حتى يكون هواه تبعاً لما > جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم في كل شيء حتى في الحكم وغيره . فإذا حكم بحكم أو قضى بقضاء ، > فهو الحق الذي لا محيد للمؤمن عنه ، ولا اختيار له بعده . >