فهرس الكتاب
الصفحة 44 من 639

> ما حدث بعدهم ، فالهرب الهرب ، والنجاء النجاء ، والتمسك بالطريق المستقيم والسنن > القويم ، وهو الذي كان عليه السلف الصالح ، وفيه المتجر الرابح ، قاله القرطبي . > > وقال سهل بن عبد الله: عليكم بالأثر والسنة ، فإني أخاف أنه سيأتي عن قليل زمان إذا > ذكر إنسان النبي [ صلى الله عليه وسلم ] والاقتداء به في جميع أحواله ذموه ونفروا عنه وتبرؤوا منه ، وأذلوه > وأهانوه . > > قلت: رحم الله سهلاً ما أصدق فراسته ، فلقد كان ذلك وأعظم ، وهو أن يكفر الإنسان > بتجريد التوحيد والمتابعة ، والأمر بإخلاص العبادة لله ، وترك عبادة ما سواه والأمر بطاعة > رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] ، وتحكيمه في الدقيق والجليل . > > قال ابن القيم رحمه الله تعالى: ولنذكر في الصراط المستقيم قولاً وجيزاً ، فإن الناس > قد تنوعت عباراتهم عنه ، وترجمتهم عنه بحسب صفاته ومتعلقاته ، وحقيقته شيء واحد وهو > طريق الله الذي نصبه لعباده موصلاً لهم إليه ، ولا طريق إليه سواه ، بل الطرق كلها مسدودة > على الخلق إلا طريقه الذي نصبه على ألسن رسله ، وجعله موصلاً لعباده إليه وهو إفراده > بالعبودية وإفراد رسوله بالطاعة ، فلا يشرك به أحد في عبوديته . ولا يشرك برسوله أحد في > طاعته ، فيجرد التوحيد ، ويجرد متابعة الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] ، وهذا معنى قول بعض العارفين: إن > السعادة كلها والفلاح كله مجموع في شيئين: صدق محبة ، وحسن معاملة . وهذا كله > مضمون شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله . فأي شيء فسر به الصراط > المستقيم ، فهو داخل في هذين الأصلين . ونكتة ذلك أن تحبه بقلبك كله ، وترضيه بجهدك > كله ، فلا يكون في قلبك موضع إلا معمور بحبه ، ولا يكون لك إرادة إلا متعلقة بمرضاته ، > فالأول يحصل بتحقيق شهادة أن لا إله إلا الله ، والثاني يحصل بتحقيق شهادة أن محمداً > رسول الله ، وهذا هو الهدى ودين الحق ، وهو معرفة الحق والعمل به ، وهو معرفة ما بعث > الله به رسوله والقيام به ، فقل ما شئت من العبارات التي هذا آخيّتُهَا وقطب رحاها . > > قال: وقوله: ! 2 < واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا > 2 ! [ النساء: 36 ] هكذا أثبت في نسخة > بخط شيخنا ولم يذكر الآية . قال ابن كثير: يأمر تعالى عباده بعبادته وحده لا شريك له ، فإنه > الخالق الرازق المنعم المتفضل على خلقه في جميع الحالات ، فهو المستحق منهم أن > يوحدوه ولا يشركوا به شيئاً من مخلوقاته . > > قلت: هذا أول أمر في القرآن ، وهو الأمر بعبادته وحده لا شريك له ، والنهي عن > الشرك ، كما في قوله: ! 2 < يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون > 2 ! [ البقرة: 21 ] وتأمل كيف أمر تعالى بعبادته ، أي: فعلها خالصة له ، ولم > يخص بذلك نوعاً من أنواع العبادة ، لا دعاء ولا صلاة ولا غيرهما ، ليعم جميع أنواع > العبادة ، ونهى عن الشرك به ، ولم يخص أيضاً نوعاً من أنواع العبادة بجواز الشرك فيه . >

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام