> الْعَلَمِينَ * ) ^ [ الشعراء: 97 - 98 ] ومعلوم ، أنهم ما ساووهم به في الذات والصفات > والأفعال ، ولا قالوا: إن آلهتكم خلقت السماوات والأرض ، وإنها تحيي وتميت ، وإنما > ساووهم به في المحبة والتعظيم والعبادة ، كما ترى عليه أهل الإشراك ممن ينتسب إلى > الإسلام ، وإنما كان ذلك هضماً لحق الربوبية ، وتنقصاً لعظمة الإلهية ، وسوء ظن برب > العالمين ، لأن المتخذ للشفعاء والأنداد ، إما أن يظن أن الله سبحانه يحتاج إلى من يدبر أمر > العالم معه من وزير أو ظهير أو معين ، وهذا أعظم التنقص لمن هو غني عن كل ما سواه > بذاته ، وكل ما سواه فقير إليه بذاته ، وإما أن يظن أن الله سبحانه إنما تتم قدرته بقدرة > الشفيع ، وإما أن يظن أنه لا يعلم حتى يعلمه الشفيع ، أو لا يرحم حتى يجعله الشفيع > يرحم ، أو لا يكفي وحده ، أو لا يفعل ما يريد العبد حتى يشفع عنده كما يشفع عند > المخلوق ، أو لا يجيب دعاء حتى يسألوا الشفيع أن يرفع حاجتهم إليه ، كما هو حال > ملوك الدنيا . وهذا أصل شر الخلق ، أو يظن أنه لا يسمع حتى يرفع الشفيع إليه ذلك ، أو > يظن أن للشفيع عليه حقاً ، فهو يقسم عليه بحقه ، ويتوسل إليه بذلك الشفيع ، كما يتوسل > الناس إلى الأكابر والملوك بمن يعز عليهم ، ولا تمكنهم مخالفته ، وكل هذا تنقص > للربوبية ، وهضم لحقها . ذكر معناه ابن القيم . فلهذه الأمور وغيرها أخبر سبحانه وتعالى أن > ذلك شرك ، ونزه نفسه عنه فقال: ^ ( ويعبُدونَ مِن دُونِ اللهِ مَا لا يَضُرُّهُم وَلاَ يَنفَعهُم وَيَقُولُونَ > هَؤلاءَ شُفَعَؤنَا عِندَ اللهِ قُلْ أَتُنبِئُونَ الله بِمَا لاَ يَعْلَمُ في السَّمَواتِ وَلاَ في الأَرض سُبْحَنُهُ وَتَعَلىَ > عَمَّا يُشْرِكُونَ * ) ^ [ يُونس: 18 ] . > > فإن قلت: إنما حكم سبحانه وتعالى بالشرك على من عبد الشفعاء ، أما من دعاهم > للشفاعة فقط ، فهو لم يعبدهم ، فلا يكونَ ذلك شركاً . > > قيل: مجرد اتخاذ الشفعاء ملزوم للشرك ، والشرك لازم له ، كما أن الشرك ملزوم > لتنقص الرب سبحانه وتعالى ، والتنفص لازم له ضرورة ، شاء المشرك أم أبى ، وعلى هذا > فالسؤال باطل من أصله لا وجود له في الخارج ، وإِنما هو شيء قدره المشركون في > أذهانهم ، فإن الدعاء عبادة ، بل هو مخ العبادة ، فإذا دعاهم للشفاعة ، فقد عبدهم وأشرك > في عبادة الله شاء أم أبى . >