> يلتجىء العبد عند النوازل ونزول عدوه به إلى ربه وملكه وإلهه ، وهذه طريقة القرآن يحتج > عليهم بإقرارهم بهذا التوحيد على توحيد الإلهية ، هذا معنى كلام ابن القيم ، فإذا تحقق > العبد بهذه الصفات: الرب والملك والإله ، وامثل أمر الله واستعاذ به ، فلا ريب أن هذه عبادة من أجل العبادات ، بل هو من حقائق الإلهية ، فإن استعاذ بغيره فهو عابد لذلك > الغير ، كما أن من صلى لله وصلى لغيره يكون عابداً لغير الله كذلك في الاستعاذة ، ولا فرق > إلا أن المخلوق يطلب منه ما يقدر عليه ويستعاذ به فيه ، بخلاف ما لا يقدر عليه إلا الله ، فلا > يستعاذ فيه إلا بالله ، كالدعاء ، فإن الاستعاذة من أنواعه . > > قال: وقول الله تعالى: ! 2 < وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا > 2 ! > [ الجن: 6 ] . > > ش: المعنى والله أعلم على قول أن الإنس زادوا الجن باستعاذتهم بهم > رهقاً ، أي: > إثماً وطغياناً وشراً ، فضمير الفاعل على هذا للعائذين من الإنس وضمير المفعول للمستعاذ > بهم من الجن ، وعلى القول الثاني بالعكس ، وزيادتهم للإنس رهقاً بإغوائهم وإضلالهم ، > وذلك أن الرجل من العرب كان إذا أمسى في واد قفر في بعض سيره وخاف على نفسه > قال: أعوذ بسيد هذا الوادي من سفهاء قومه ، يريد الجن وكبيرهم . قال مجاهد: كانوا > يقولون إذا هبطوا وادياً: نعوذ بعظيم هذا الوادي ، فزادوهم رهقاً . قال: زادوا الكفار > طغياناً . رواه عبد بن حميد ، وابن المنذر . والآثار بذلك عن السلف مشهورة ، ووجه > الاستدلال بالآية على الترجمة أن الله حكى عن مؤمني الجن أنهم لما تبين لهم دين > الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] وآمنوا به ، ذكروا أشياء من الشرك كانوا يعتقدونها في الجاهلية ، من جملتها > الاستعاذة بغير الله . > > وقد أجمع العلماء على أنه لا تجوز الاستعاذة بغير الله ، ولهذا نهوا عن الرقى التي لا > يعرف معناها ، خشية أن يكون فيها شيء من ذلك . قال ملا علي القاري الحنفي: ولا تجوز > الاستعاذة بالجن ، فقد ذم الله الكافرين على ذلك فقال: ! 2 < وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا > 2 ! [ الجن: 6 ] إلى أن قال: وقال تعالى: ! 2 < ويوم يحشرهم جميعا يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض > 2 ! > [ الأنعام: 128 ] فاستمتاع الإنسي بالجني في قضاء حوائجه وامتثال أوامره ، أو إخباره بشيء > من المغيبات ، واستمتاع الجني بالإنسي تعظيمه إياه ، واستعاذته به ، واستغاثته وخضوعه له . > وفيه أن كون الشيء يحصل به منفعة دنيوية من كف شر أو جلب نفع لا يدل على أنه ليس من > الشرك . ذكره المصنف . > > قال: وعن خولة بنت حكيم قالت: سمعت رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] يقول: ' من نزل منزلاً > فقال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ، لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله >