فهرس الكتاب
الصفحة 90 من 132

حاطب -رضي الله عنه- أراد إفشاء سر رسول الله صلى الله عليه وسلم لمّا توجه لفتح مكة فأرسل كتاباً مع جاريةٍ الى قريش يخبرهم الخبر، فنزل الوحي الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبره الخبر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا حاطب ما هذا؟"، قال: لا تعجل علي إني كنت امرأً ملصقاً في قريش ولم أكن من أنفسهم، وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون أهليهم في مكة فاحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن اتخذ يدا يحمون بها قرابتي وما فعلت ذلك كفرا ولا ارتدادا عن ديني ولا رضا بالكفر بعد الإسلام، فقال رسول الله:"انه صدقكم"، فقال عمر: دعني أضرب عنق هذا المنافق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إنه قد شهد بدرا وما يدريك لعل الله اطلع الى أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم قد غفرت لكم" (مختصر من تفسير ابن كثير 4\ 302) .

التعليق على قصة حاطب:

أ-وقع حاطب في عمل كفري وهو موالاة الكافرين ومظاهرتهم على المسلمين وهذه مسئلة ظاهرة معلومة عنده رضي الله عنه لذا بادر وقال:"ما فعلت ذلك كفرا ولا ارتدادا عن ديني ولا رضا بالكفر بعد الإسلام".

ب- قوله صلى الله عليه وسلم:"صدقكم"اي من جهة مطابقة قول حاطب لمعتقده وليس من جهة مطابقته للواقع من ان موالاة الكفار ليست كفرا.

ج-المانع من تكفير حاطب كان التأول الخاطئ في جزء من مسئلة ظاهرة حيث ظنَّ أنَ ما فعله يدخل في باب التقية الجائزة عند الخوف، وأنَّ ذلك لا ضرر فيه على المسلمين لأنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤيدٌ من ربه وقد وعده الفتح، فحاطب رضي الله عنه تأوَّلَ في جزءٍ من مسئلةٍ ظاهرةٍ كما تأوَّل قدامة ولم ينكر أنَّ الأصل في هذا الفعل الكفر.

ء- التأولُ كان مانعاً من تكفيره ولم يكن مانعاً من تعزيره، لذا راجع عمر النبي صلى الله عليه وسلم في قتله مرة ثانية ومنع من ذلك شهود حاطب بدراً.

الملخص: قام في حق حاطب مانعان:

الأول: مانعٌ من تكفيره: وهو التأولُ في جزءٍ من مسئلةٍ ظاهرةٍ.

الثاني: مانعٌ من تعزيرهِ: وهو شهودُهُ بدراً

(ملخص بتصرف من الجامع في طلب العلم الشريف-نقد الرسالة الليمانية) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام