بَعِيداً) (النساء: 116) .
و قوله تعالى (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَاوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ) (المائدة: 72) وفي هذه الآية ذكر الله تعالى مصير أهل الشرك ولكن هذا مقيد بشرطه وهو إقامة الحجه كما هو ثابت بالأدلة الأخرى.
و قوله تعالى (ذَلِكَ هُدَى اللّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (الأنعام: 88) .
و قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (الحج 17) وقوله (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوَا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ) (المائدة: 82) . وقوله تعالى (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (الزمر: 65) .لذا من المعلوم ضرورة من دين الإسلام أن من وقع في الشرك الأكبر حبط عمله حبوطا كليا. و لنتدبر في قوله تعالى (ذَلِكُم بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِن يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ) (غافر: 12) فهذه الآية فيها دليل على التفريق بين الكفر والشرك وأن الشرك مقابله التوحيد والكفر مقابله الإيمان.
ففي قوله تعالى (ذَلِكُم بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ) ذكر وصف التوحيد وهو إخلاص الدعوة لله تعالى وذكر موقف المشركين من هذا التوحيد وهو الكفر أي الجحد والإنكار. و في قوله تعالى (وَإِن يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا) أي يؤمنوا بهذا الشرك
فإخلاص الدعاء لله تعالى مقابل الشرك والكفر بالتوحيد مقابل الإيمان بالشرك والعكس بالعكس أي الإيمان بالتوحيد مقابل الكفر بالشرك كما قال تعالى (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (البقرة: 256 (.فنخلص إلى أن هذه الآية فيها تفريق صريح بين االشرك والكفر وأن لكل منهما حقيقة تفارق الآخر ويلزم من تخالفهما تخالف أضدادهما فجعل الله تعالى ضد التوحيد الشرك وضد الإيمان الكفر.(مقال الفرق بين الكفر والشرك-ملتقى أهل الحديث)