فهرس الكتاب
الصفحة 99 من 127

الحالة الثَّالثة: أنْ يوافقَهم في الظَّاهر مع مخالفتِه لهم في الباطن ، وهو من وجهين: أحدهما أَنْ يفعلَ ذلك لكونه في سلطانهم مع ضربهم وتقييدِهم له ، ويتهدَّدونه بالقتل فيقولون له إِمَّا أنْ توافقَنا وتظهِر الانقياد لنا وإلاَّ قتلناك ، فإِنَّه والحالة هذه يجوز له موافقتهم في الظاهر مع كون قلبه مطمئنَّاً بالإيمان ، كما جرى لعمَّار حين أنزل الله تعالى: { مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإيمَانِ (1) 2) } ، وكما قال تعالى: { إِلا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً } (2) ، فالآيتان دلَّتا على الحكم ، كما نبَّه على ذلك ابن كثير في تفسير آية آل عمران.

الوجه الثاني: أَنْ يوافقَهم في الظاهر مع مخالفته لهم في الباطن ، وهو ليس في سلطانهم ، وإِنَّما حمله على ذلك إِما طمعٌ في رئاسةٍ أو مالٍ أو مشحَّةٍ بوطنٍ أو عيالٍ أو خوفٍ ممَّا يحدث في المال ، فإِنَّه في هذه الحال يكون مرتدَّاً ولا تنفعه كراهتُه لهم في الباطن ، وهو ممن قال الله فيهم: { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلى الآخِرَةِ وَأَنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (3) } فأخبر أَنَّه لم يحملهُم على الكفر الجهلُ أو بغضُه ، ولا محبَّةُ الباطل ، وإِنَّما هو أَنَّ لهم حظَّاً من حظوظ الدُّنيا فآثروه على الدِّين ، هذا معنى كلام شيخ الإسلام محمّد بن عبد الوهَّاب رحمه الله تعالى وعفا عنه )) (4) .

أحد علماء الدعوة النجديَّة:

(1) سورة النحل: 106.

(2) سورة آل عمران: 28.

(3) سورة النحل: 106، 107.

(4) المصدر السابق (ص 62-64) .

تعليق: الكلام هنا صريح أنّ حظوظ الدُّنيا وشهواتها إذا كانت هي سبب وقوع الإنسان في الكفر فلا يصحُّ أن تكون عذراً يمنع إطلاق الكفر عليه ووقوعه فيه؛ بخلاف الإكراه.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام