قال شيخ الإسلام: أخبر أَنَّهم كفروا بعد إِيمانهم ، مع قولهم: إنَّا قد تكلَّمنا بالكفر من غير اعتقادٍ له ، بل إِنَّما كنَّا نخوض ونلعب ، وبيَّن أَنَّ الاستهزاء بآياتِ الله كفرٌ ، ولا يكون هذا إلاَّ ممن شرح صدره بهذا الكلام . ولو كان الإيمانُ في قلبه ، لمنعَه من أنْ يتكلَّم به . والقرآن يبيِّن أَنَّ إيمانَ القلب ، يستلزِم العملَ الظَّاهر بحسبه ، كقوله: { وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ } (1) الآية . فنفى الإيمان عمَّن تولَّى عن طاعةِ الرَّسول ، وأخبرَ أنَّ المؤمنين إذا دعَوا إلى الله ورسوله ليحكمَ بينهم ، سمعوا وأطاعوا ، فبيَّنَ أنَّ هذا من لوازم الإيمان ، انتهى . وفيه بيانٌ أنَّ الإنسان قد يكفُرُ بكلمةٍ يتكلَّم بها، أو عملٍ يعمل به )) (2) 2) .
وقال في"الرَّوضة النَّديَّة"عند الباب السادس:"باب من يستحق القتل حداً":
(( …( والسَّاحر ) لكونِ عملِ السِّحر نوعاً من الكفر، ففاعلُه مرتدٌّ يستحقُّ ما يستحقُّه المرتدُّ …أقول: لا شكَّ أنَّ من تعلَّم السِّحر بعد إسلامه كان بفعل السِّحر كافراً مرتدَّاً وحدُّه حدُّ المرتدِّ… (والسابُّ لله أو لرسوله أو للإسلام أو للكتاب أو للسُّنَّة ، والطاعن في الدِّين) وكلُّ هذه الأفعال موجبةٌ للكفر الصَّريح ، ففاعلها مرتدٌّ حدُّه حدُّه )) (3) .
(1) سورة النور: 47.
(2) "الدين الخالص" (4/546-547) .مكتبة الفرقان بمصر.
(3) "الروضة النَّديَّة شرح الدرر البهيَّة" (2/627-629) دار الهجرة بصنعاء ط1 - 1411هـ.