فهرس الكتاب
الصفحة 59 من 127

(( ومن العَجَبِ أَنَّ الخصوم من البهاشمة(1) وغيرهم لم يساعدوا على تكفير النصارى الَّذين قالوا إِنَّ الله ثالثُ ثلاثةٍ ومن قال بقولهم مع نصِّ القرآن على كفره إلاَّ بشرط أَنْ يعتقدوا ذلك مع القول وعارضوا هذه الآية الظاهرة بعموم مفهوم قوله { ولكنْ مَنْ شَرَحَ بالكُفْرِ صَدْراً } … وعلى هذا لا يكون شيءٌ من الأفعال والأقوال كفراً إلاَّ مع الاعتقاد حتى قتل الأنبياء ، والاعتقاد من السَّرائر المحجوبة فلا يتحقَّق كفرُ كافرٍ قطُّ إلاَّ بالنَّصِّ الخاصِّ في شخصٍ شخص… قال جماعة جلَّة من علماء الإسلام أَنَّه لا يكفرُ المسلم بما ينْدُرٌ منه من ألفاظ الكفر إلاَّ أَنْ

يعلم المتلفِّظ بها أَنَّها كفر… وهذا خلاف متَّجه ، بخلاف قول البهاشمة: لا يكفر وإِنْ عَلِمَ أَنَّه كفرٌ حتَّى يعتقده… (2)

قد بالغ الشيخ أبو هاشم وأصحابه وغيرهم فقالوا هذه الآية تدل على أَنَّ من لم يعتقد الكفرَ ونطقَ بصريحِ الكفر وبسَبِّ الرُّسُل أجمعين وبالبراءة منهم وبتكذيبِهم من غير إكراهٍ وهو يعلم أَنَّ ذلك كفرٌ أَنَّه لا يكفر وهو ظاهر اختيار الزمخشري في"كشافه"فإِنَّه فسَّر شرح الصدر بطيب النَّفس بالكفر وباعتقاده معاً واختاره الإمام يحيى عليه السلام والأمير الحسين بن محمَّد.

(1) أصحاب أبي هاشم الجبائي المعتزلي .

(2) إذاً هناك فرقٌ بين اشتراط العلم بأنها كفر لينتفيَ مانع الجهل ، وبين اشتراط الاعتقاد.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام