فهرس الكتاب
الصفحة 20 من 127

وأخيراً أودُّ أَنْ أَخْتم هذه المقدِّمة بكلمات للعلاَّمة عبدالله أبا بطين لعل الله ينفع بها ، قال رحمه الله:

(( يتعيَّن على من نصح لنفسه وعلم أَنَّه مسئولٌ عمَّا قال ومُحاسَبٌ على اعتقاده وقوله وفعله أَنْ يُعِدَّ لذلك جواباً ، ويخلع ثوبي الجهل والتعصُّب ويخلص القصدَ في طلب الحقِّ ، قال الله تعالى: { قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا } (1) ، وليعلم أَنَّه لا يخلِّصه إلا اتّباع كتاب الله وسنَّة نبيِّه ، قال الله تعالى: { اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ (2) } وقال تعالى: { كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الألْبَابِ (3) } ولما كان قد سبق في علم الله وقضائه أَنَّه سيقع الاختلاف بين الأُمَّة أَمَرهم وأوجَبَ عليهم عند التنازع الردَّ إلى كتابه وسنَّة نبيِّه ، قال تعالى: { فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا (4) } قال العلماء رحمهم الله: الردُّ إلى الله الردُّ إلى كتابه ، والردُّ إلى الرسول الردُّ إليه في حياته والردُّ إلى سنَّتِه بعد مماته . ودلًّت الآية أَنَّ من لم يردَّ عند التنازع إلى كتاب الله وسنَّة نبيِّه فليس بمؤمنٍ لقوله تعالى: { إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ } (5) فهذا شرطٌ ينتفي المشْروطُ بانتفائه، ومُحالٌ أَنْ يأمرَ الله النَّاس بالرَّدِّ إلى مالا يفصل النِّزاع ، لاسيَّما في أُصول الدِّين التي لا يجوز فيها

(1) سورة سبأ: 46.

(2) سورة الأعراف: 3.

(3) سورة ص: 29.

(4) سورة النساء: 59.

(5) سورة النور: 2.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام