فهرس الكتاب
الصفحة 16 من 127

رابعاً: آثرت أن أبقي كلام من نقلت عنهم كما هو ولم أعلِّق عليه إلا تعليقاتٍ يسيرةٍ وذلك لوضوح كلامهم وجلائه .

خامساً: لم أنقل كلام العلماءِ المتعلِّق بتكفيرِ تاركِ الصَّلاة، وهم جمهور أصحاب الحديث ، علماً أنَّها أقوالٌ كثيرةٌ جداً مبثوثةٌ في كتب السَّلَف ؛ وذلك لأَنَّها مسألة اختلف فيها أصحاب الحديث (1) . ولكن هاهنا مسألةٌ مهمَّةٌ ، وهي أَنَّ أصحاب الحديث الذين لم يكفِّروا تاركَ الصَّلاة؛ لا يعنون أَنَّ الصَّلاةَ عملٌ والعمل لا يكفّر تاركه أو فاعله بغير اعتقادٍ أو استحلالٍ أو تكذيبٍ ، فهذه لَوْثَةٌ إرجائيَّةٌ حاشاهم منها . بل كما نقَلَ عنهم المروزيُّ قالوا: (( الأخبار التي جاءت في الإِكْفار بترك الصَّلاة نظير الأخبار التي جاءت في الإِكْفار بسائر الذُّنوب ) )فهم نظروا إلى الأدلة التي ظاهرها التَّعارض فجمعوا بينها

(1) قال الإمام محمد بن نصر المروزيّ في"تعظيم قدر الصلاة" (2/925-936) : (( ذكرنا الأخبار المروية عن النبي? في إكفار تاركها ، وإخراجه إياه من الملَّة، وإباحة قتال من امتنع من إقامتها ، ثم جاءنا عن الصحابة رضي الله عنهم مثل ذلك ، ولم يجئنا عن أحد منهم خلاف ذلك . ثم اختلف أهل العلم بعد ذلك في تأويل ما روي عن النبي ? ثم عن الصحابة رضي الله عنهم في إكفار تاركها، وإيجاب القتل على من امتنع من إقامتها .-ثم أورد مقالة الفريق الأول-وقال: قد حكينا مقالة هؤلاء الذين أكفروا تارك الصلاة متعمّداً ، وحكينا جملة ما احتجّوا به، وهذا مذهب جمهور أهل الحديث . وقد خالفتهم جماعة أخرى من أصحاب الحديث، فأبوا أن يكفّروا تارك الصلاة ، إلا أن يتركها جحوداً أو إباءً واستكباراً واستنكافاً ومعاندة فحينئذٍ يكفّر. وقال بعضهم: تارك الصلاة كتارك سائر الفرائض عن الزّكاة ، وصيام رمضان ، والحجّ. وقالوا: الأخبار التي جاءت في الإكفار بترك الصلاة نظير الأخبار التي جاءت في الإكفار بسائر الذنوب ) ).

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام