حيث أنهم قد وعدوا بها، فهي تشد من أزرهم وتعينهم على معرفة الحق وعدم الزلل، وتعطيهم القدرة على تحديد الموقف الصحيح أثناء نزول الفتن، وخاصة أنها تقترن ببيان المنهج الصحيح، والطريقة السليمة في التعامل معها،
وعندما اشتد الحصار على المسلمين في معركة الأحزاب، وبلغت القلوب الحناجر، من شدة الخوف والفزع، تذكر الصحابة ش ماوعدهم الله به، وماوعدهم به رسوله - صلى الله عليه وسلم -، فكان ذلك سبب تثبيت لهم في المعركة.
قال الله ?: {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} [الأحزاب: 22]
وفي أزمة الفتن قد يخفى على بعض المؤمنين وجه الحق فيها، فجاءت النصوص لتجلي للمؤمنين السبيل.
وأضرب لذلك بمثالين:
أحدهما يتعلق بالفتن والآخر يتعلق بأشراط الساعة:
فأما الأول: فعن زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ رَبِّ الْكَعْبَةِ قَالَ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ جَالِسٌ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ، وَالنَّاسُ مُجْتَمِعُونَ عَلَيْهِ فَأَتَيْتُهُمْ فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ:
(كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ > فِي سَفَرٍ فَنَزَلْنَا مَنْزِلاً، فَمِنَّا مَنْ يُصْلِحُ خِبَاءَهُ وَمِنَّا مَنْ، يَنْتَضِلُ وَمِنَّا مَنْ هُوَ فِي جَشَرِهِ، إِذْ نَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ > الصَّلاةَ جَامِعَةً.
فَاجْتَمَعْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ > فَقَالَ: إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَبْلِي إِلا كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ، وَيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ، وَإِنَّ أُمَّتَكُمْ هَذِهِ جُعِلَ عَافِيَتُهَا فِي أَوَّلِهَا وَسَيُصِيبُ آخِرَهَا بَلاءٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا، وَتَجِيءُ فِتْنَةٌ فَيُرَقِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا.
وَتَجِيءُ الْفِتْنَةُ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ هَذِهِ مُهْلِكَتِي، ثُمَّ تَنْكَشِفُ وَتَجِيءُ الْفِتْنَةُ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ: هَذِهِ هَذِهِ.