فهرس الكتاب
الصفحة 91 من 224

و إنى إن أوعدته أو وعدته لمُخْلِف إيعادي ومُنجِز موعدي" [1] "

فهذا - أي إخلاف الوعيد، - مما يمْدَح به العرب .. والقرآن نزل بلغة العرب، وعمروبن عبيد لم يفهم قضية الوعيد في لغة العرب ..

إذن هذا هو معنى"إنفاذ الوعد والوعيد"عند المعتزلة ..

الآن نأتي إلى الأصل الخامس عند المعتزلة وهو (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) : هذا الأصل يعني عندهم - خلاصتاً - الخروج على الحكام العدل، هذا معنى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عندهم. حاكم عادل، إذا عصى نخرج عليه ..

وهم في هذه القضية - للأسف - نظرياً أكثر منهم عملياً، لأنهم - أي المعتزلة - كمذهب، لم يقوموا بأي حركة عسكرية، إلا حركات صغيرة لم تكن لها قيمة في التاريخ الإسلامي، لكن من تبنى مذهب المعتزلة، في هذه المسألة من الحركات - أو الفرق - الأخري، كان كثير الخروج، مثل:"الزيدية من الشيعة"، وهم على مذهب المعتزلة في العقائد، ولذلك في هذه المسألة كثير الخروج، وعند الزيدية، الإمام، لا يسمَّى إماماً عندهم، حتّى يحمل السيف ويخرج على الحاكم الظالم ..

فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عند المعتزلة، المقصود به، توجهه إلى الحاكم بالقوة والسلاح، إذا خالف مذهبهم أو أتى بأي معصية من المعاصي ..

هذا هو خلاصة مذهب المعتزلة ..

نفسية المعتزلة، كما ترون، كالخوارج، قريبة من الخوارج .. ، الإبتعاد عن المعاصي، لأن المعاصي عندهم في النهاية كفرٌ، والإبتعاد عن السلاطين ..

قديقول قائل: لماذا"ابن أبي الدؤاد"، وكان إماماً من أئمة المعتزلة، لماذا كان هو قاضياً للسلطان، مع أنهم يبتعدون عن السلاطين ويبغضونهم؟ الجواب، لأن ابن أبي الدؤاد وكذلك الجاحظ .. ، - الجاحظ كان في نفسه دنية [2] ولم يكن بنفسية الأئمة المعتزلة، الذين ذكرنا عنهم من إعتزالهم وزهدهم وورعهم -، فابن أبي الدؤاد والجاحظ، عند المعتزلة محتقرين. في كتب طبقات المعتزلة، يشتمونهم ويسبونهم ويحقرونهم، ولا يعتبرونهم قد أخذوا المذهب على صحته، كما نحن نتكلم في مذهبنا عن فلان وعلان و .. ، فهؤلاء المعتزلة، أهل السنة هجموا

(1) روي هذه القصة، الإمام البيهقي رحمة الله بسنده، في کتابه (البعث والنشور) رقم 42. - ورواه الإمام اللالکائي في (شرح أصول إعتقاد أهل السنة والجماعة) رقم 1651، وذکره السفاريني رحمه الله في (لوامع الأنوار البهية) ج 1/ص 370 - 371 ..

(2) قال الإمام الذهبي رحمه الله في ترجمة الجاحظ الأديب المعتزلي، في (سير اعلام النبلاء 11/ 256) :"العلأمة المتبحر ذوالفنون ... کان أحد الأذکياء .. وکان ماجناً قليل الدين، له نوادر". 1 ه.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام