فهرس الكتاب
الصفحة 90 من 224

رحمة الله، في النهاية، لأنه مسلم، أما الكافر فلا، بل له عذاب في الدنيا وعذاب في الآخرة وليس هو معرَّض لرحمة الله لخروجه من النار، لكن الكفار على مراتب في جهنم - كما تعلمون .. و أقل الكافرين عذاباً - كما جاء في الحديث - هو حال أبي طالب، عم النبي صلى الله عليه وسلم،"أنه في ضحضاحٍ من نارٍ" [1] . فالنار فيها مراتب ..

إذن العاصي عندنا، معرَّض لرحمة الله، ويمكن أن لا يقع الوعيد عليه، لكن لأسباب، - ليس أمراً غير مفهوماً -، يعني لمَّا قال الله تعالى - على سبيل المثال:"إن الذين يأكلون أموال إليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً" [2] هذا وعيد، ويمكن أن"أكل لأموال إليتامى"يغفَر له، أن يتوب، ممكن كذا وكذا و ..

إذن، إنفاذ الوعيد عندنا - إنفاذ، ها! -، قديقع وقد لا يقع، لأسباب. هل الوعيد عندنا حقٌ، يعني هذا الكلام الذي قاله الله"أنه من عمل كذا فله كذا"، هذا الكلام، هل يقوله للتهديد فقط، ولا معنى له؟ كما تقول الجبرية؟؟ الجبرية يقولون، أن هذا الوعيد ليس له معني، إلا معنى التهديد على المؤمن! فقط معنى التهديد فقط، يعني في النتيجة كأنهم يكذِّبون الله عزوجل .. ، هذا نتيجة الأمر عند الجبرية، ومنهم الأشاعرة ..

إذن الوعيد عندنا حقٌ، - لا للتهديد فقط -، فيمكن أن يقع، أو لايقع لأسباب ..

إذن الوعيد قد لا يقع عندنا، لكن الوعد يقع. إذا قال الله"من فعل كذا من الطاعات، فله كذا"، هذا يقع، إلا أن يكفر هو، فإذا كفر أحبط عمله، ..

فإذن عندنا، الوعيد حق، ولكن قد لا ينفذ لأسباب، ذكرها الشارع ..

المعتزلة قالوا: لا، الله يقول فلان يدخل النار، وأنتم تقولون لا يدخل النار، هذه القضية ليست معقولة لدينا، بل الذي قال الله عنه أنه يدخل النار، أنه يدخل النار أبد الآباد ..

هذا الذي يتوافق عندهم مع (منزلة بين المنزلتين) في الآخرة، أن صاحب المعصية، سيدخل النار - عندهم - بسبب المعصية التي لم يتب عنها قبل الممات توبةً صحيحاً، فعندهم يدخل النار ولا يخرج منها ابداً .. فعندهم يجب إنفاذ الوعد والوعيد ..

لمَّا جادل"عمروبن عبيد"،"أبا عمروبن العلاء"رحمه الله، فقال له: يا أبا عمرو! هل الله يخلف وعده؟ فقال: لن يخلف الله وعده .. فقال عمرو: يا أبا عمرو! لا يخلف الله وعده وقد قال تعالى (ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه) [3] فقال أبوعمرو: «ويحك يا عمرو، من العُجمة أتيت، - هذا سبب فسادك -، إن العرب لا تعد إخلاف الوعيد ذماً، بل جوداً وكرماً، أما سمعت قول الشاعر:

"ولا يرهب ابن العم ما عشت صولتى ولا يختشي من صولة المتهدد"

(1) متفق عليه: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:"هو في ضحضاحٍ من نارٍ ولولا أنا لکان في الدرک الأسفل من النار". (بخاري بخاري 3594، مسلم 308) ..

(2) النساء (10) .

(3) أراد عمروبن عبيد، بهذا الکلام، أن ينصر بدعته التي ابتدعها في أن العصاة من المسلمين خالدون مخلدون في النار، کما يفهم من ظاهر الوعيد في الآية! ..

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام