فهرس الكتاب
الصفحة 200 من 224

لكي يستقر الأمر في أذهاننا على المعاني الذي سقناها بالنسبة للتوحيد عند أهل السنة والجماعة، التوحيد الذي بعث به الأنبياء، وقاتلوا الناس عليه، وهو مناط دخول الجنة إذا تحقق العبد فيه، وهو كذلك مناط دخول النار إذا أعرض العبد عنه بسببٍ من الأسباب ونريد أن أُقَدِّم مقدمة مهمة في هذا الموضوع وهو أساس دعوة الأنبياء، وبعد ذلك أساس معركة المجددين في التاريخ الإسلامي.

بلا شك، نحن نؤمن بأن التجديد يحفظ في أمة محمد صلى الله عليه وسلم، [1] لأن الله عزوجل ختم الأنبياء بمحمدٍ صلى الله عليه وسلم، فلا نبي بعده، ولا رسول، وكان فيمن كان قبلنا، قبل بعثة نبينا صلى الله عليه وسلم، كلّما هلك نبي، بعث الله نبياً غيره، إمّا ليجَدِّد معالم الدين الذي أُنْدُرِس، وإمّا ليقود الأمة على الدين الذي ورثه من الأنبياء السابقين؛ يعني كان دور النبي، ليس فقط دور الإرشاد والتعليم لدينٍ جديدٍ، أو لإحياء دين ثاني ودين جديد، وإنما كذلك دور الأنبياء هو سياسة الناس، كما في الحديث الصحيح:) كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلما هلك نبي خلفه نبي، وإنه لا نبي بعدي .. ) الحديث. [2] فإذن الأنبياء السابقين لم يكونوا فقط يأتوا بدينٍ يعَلِّموه الناس، ولكن يسوس الناس على شريعة هذا الدين الذي جاؤوا به. إذن هذا هو دور النبي،"دعوة وتبليغ وهداية، وكذلك قيادة لهؤلاء التابعين".

ومحمد صلى الله عليه وسلم، خُتِمَت به رسالات السماء، والأمة لابدّ أن تَنْحَطَّ، كما إنحطَّت الأمم السابقة. ولكن منع الله هذه الأمة أن يطْبق عليه الشرك من جميع أقطارها، كما كان يطبق الشرك على الأمم السابقة. والله عزوجل برحمته حفظ هذا الدين وحفظ أصوله، التي هي (القرآن والسنة) . قال تعالي): إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون). [3] و"الذكر"كما تعلمون، ليس فقط القرآن، ولكنه كذلك"السنة"، فالسنة محفوظة كما القرآن محفوظ.

هذه الأمة إنحطَّت، وسيصيبها ما أصاب الأمم السابقة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تقوم الساعة حتّى تَضْطَرب ألَياتُ نساءِ دَوْس حول ذي الخَلصة) [4] . و"ذو الخلصة"كانت صنماً تعبدها قبيلة"دوس"في الجاهلية. هذا يعني عودة الشرك. وكذلك حديث ثوبان رضي الله عنه: ( .. وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَلْحَقَ قَبَائِلُ مِنْ أُمَّتِي بِالْمُشْرِكِينَ وَحَتَّى تَعْبُدَ قَبَائِلُ مِنْ أُمَّتِي الْأَوْثَانَ) .. [5]

(1) قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:"إن الله يبعث لهذه الأمة علي رأس کل مائة سنةٍ من يجدد لها دينها". {رواه أبو داود (3740) .. والطبراني والحاکم والبيهقي. وهو حديث صحيح. وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (599) } .

(2) متفق عليه.

(3) الحجر (9) .

(4) متفق عليه {رواه البخاري في"باب تغيير الزمان حتّي تعبد الاوثان"رقم (6583) .. ورواه مسلم في صحيحه باب"لا تقوم الساعة"حتّي تعبد دوس ذا الخلصة". رقم (5173) } ."

(5) رواه أبو داوود (3710) ، والترمذي (2145) وقال:"حسن صحيح". ورواه أحمد (22448) و .. ، وهو حديث صحيح. وصححه الأرناؤوط والألباني.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام