فهرس الكتاب
الصفحة 117 من 224

الله تعالى أثبت لك المشيئة (وما تشاؤون إلا أن يشاء الله) [1] كما جمع الله عزوجل الإرادتين - إرادة الإنسان، وإرادة الله تعالى في هذه الآية .. إذن الله عزوجل، أثبت للإنسان إرادة، وأثبت كذلك إذن الله عزوجل. الآن إرادة الله سبحانه وتعالي، الإرادة هنا إرادة آذنة، أي، أذِنَت لك بأن تفعله، وإرادتك مخلوقة من قِبَل الله، وهذا الفعل مخلوق، والقوة فيك، مخلوقة ..

الآن القدرية - المعتزلة - ماذا قالوا؟ قالوا: ليس لله إرادة بهذا الشيء، أبداً، إنما إرادة الإنسان، فأثبتوا القدر لأنفسهم ..

الجبرية ماذا قالوا؟ قالوا: فقط إرادة الله ولا إرادة للإنسان. إنما هو كريشة في مهب الريح، فقط، يتحرك بلا إرادة، لا إرادة للإنسان، عند هؤلاء الجبرية ..

الآن ماذا قال الأشاعرة؟ قالوا بمسألة سماها عندهم أبوالحسن الأشعري"بالكسب"، وهي ماذا تعني؟ إثبات الإرادة للإنسان، ولكن إرادة غير مؤثرة، .. حاول الأشاعرة كثيراً أن يصوروا لنا ما معنى هذا الكلام عندهم، فخرج إمام"الرازي"ابن خطيب الري، بهذه النكتة، بمثال قال:"مثال الكسب، مثال رجلٍ كبيرٍ حمل طفلاً صغيراً وصعد به الجبل، فلما وصل إلى الجبل، مَن الذي صعد؟ الرجل الكبير، لكن هل في نفس الوقت الطفل الصغير على كتفه، قد صعد كذلك؟ نعم صعد، لكن هل هو الذي صعد؟ ليس هو الذي صعد"- فقالوا - في هذه القضية - أي الكسب - الفاعل الحقيقي هو الله والإنسان هذا، هو عنده إرادة ولكن غير مؤثرة .. قال - و أخرج قيح قلبه فقال في النهاية: الإنسان مجبور في صورة مختار ..

إذن الكسب عند الأشاعرة ماهو؟ هو الجبر .. إذن في النهاية إنهم اعترفوا أنهم جبرية، ولا قيمة لإرادة الإنسان عندهم ..

نتكلم - إستطراداً - عن الإيمان عند الأشاعرة سريعاً، ثم نرجع إلى النقطة التي نحن بسددها - وهي الكسب - ..

الإيمان عند الأشاعرة:

الأشاعرة في الإيمان يختلفون، فبعضهم قالوا: الإيمان هو المعرفة، مجرد المعرفة .. وبعضهم قالوا: ليس هو المعرفة ولكنه التصديق، ماهو التصديق؟ إقرار القلب الجازم، المعرفة الحقة الجازمة القلبية ..

إذن الإيمان عندهم كما ترون لا دخل للعمل فيه، ولكن دَخْلُه أين؟ القلب. مسألة قلبية معرفية ..

إذن الإيمان عندهم التصديق فقط، لكن قضية التصديق، قضية قلبية. ولا يمكن أن نعرفها إلا بالدليل عليها وهو قول اللسان، للحكم على الرجل بالإيمان في الدنيا .. لكن لو كان رجل مقراً في قلبه من غير الإقرار باللسان، هل مؤمن عندالله على الحقيقة؟ هذا عند الأشاعرة

(1) التکوير (29) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام