إذن فأصل الدين"لا اله الا الله محمد رسول الله"وهو عقد الإلتزام ..
الآن نحن قلنا من أركان هذا الدين"الصلاة"، مثلاً، من أركانه النسكية، الصلاة، بحيث لو تركها المرء كفر. لماذا إذا تركها المرء كفر؟ هل لأن الصلاة هي أصل الدين؟ أم لأنها من مقتضيات عقد الإلتزام التي هي أصل الدين؟ هي من المقتضيات؛ بحيث هل المرء يسلم بالصلاة أم يسلم بعقد الإلتزام؟ يسلم بعقد الإلتزام، لكن قد تكون الصلاة دليلاً على وجود عقد الإلتزام، لكن لا يسلم المرء بالصلاة، ولا يسلم المرء بالحج، إنما يسلم بماذا؟ بعقد الإلتزام .. فهمتم هذه القضية؟ هذه مهمة في قضية إسلام الرجل ..
الآن قد تبين لنا ماهو أصل الدين وتبين لنا ما هي أركان الدين، والدين هو الإيمان وهو الإسلام - إذا افترقا، كل لفظٍ على حدة [1] -، وتبين لنا أن أصل الدين وهو عقد الإلتزام، هو معرفة هذا الحق، وبعد ذلك أن يتابع، أي: أن يعرفه، وأن يقر به وأن يتابع عليه وأن يعمل به وأن لا يأتي بالنواقض.
الآن في مقابل ذلك ماهو الكفر؟ قبل توضيح هذا، إنتبهوا إلى هذه المسألة، وهي، في قضية المعرفة، هل اشترطنا لإسلام الرجل أن يعرف أفراد حقوق الرب؟ .. من حقوق الرب أن تصلِّي له، فهل يشترط لإسلام الرجل أن يعرف أفراد هذه الحقوق، كالصلاة والصوم والزكاة والحج، عندما ينشيء عقد الإلتزام بينه وبين الله، هل يشترط؟ لا يشترط. لكن لا يسلم الرجل إلا بمعرفته عقد الإلتزام.
الصحابة رضي الله عنهم، أسلموا وحكم الله بإسلامهم، وكانوا مسلمين بعقد الإلتزام قبل الصلاة وقبل أركان الإيمان كلها، فقط بماذا؟ بعقد الإلتزام.
إذن الكفر الذي سنتكلم عنه الآن كفر في ماذا؟ سنتكلم عن الكفر الذي هو متعلق بنواقض أصل الدين - الذي هو عقد الإلتزام -، وبعد ذلك الكفر الذي متعلق بأركان الإيمان.
فما هو الكفر المتعلق بأصل الدين، الذي يقابل الإقرار والتصديق والمتابعة؟
أولاً: كفر الجهل.
نحن قلنا يشترط أن يعرف ربه، وليس فقط أن يعرف الله، ليس فقط معرفة الربوبية، ولكن معرفة حق الله بأنه مألوه، أي معبود، - المعبود الحق - ..
و"المألوه"اسم مفعول، وليس فاعل. ولذلك قلنا الإلهية صفة استحقاق .. ، هذه قضية خطيرة جداً، أنبِّه عليها وأُرَدِّدها، أن الإلهية ليست صفة الذات ولكنها صفة استحقاق، وهي حق لله، هي حركة الإنسان، قلنا هي توحيد الله بأفعالنا، الإيمان هو أفعالنا على طريقة وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأفعالنا قلنا"قول وعمل ونية"، فالإيمان"قول وعمل ونية والسنة"..
(1) واضح ومعروف أن إسم"الإيمان"و"الإسلام". (إذا إجتمعا إفترقا وإذا إفترقا إجتمعا) .. راجع (جامع العلوم والحکم لابن رجب الحنبلي. شرح الحديث الثاني) .