إذن يقابل أصل الدين من الكفر، أول شيءٍ، أن يجهله، رجلٌ جهل أصل الدين، وهو"لا إله إلا الله محمد رسول الله"، رجلٌ لم يعرف أن الله - وحده - يستحق العبادة، ولم يعرف أن محمدآً رسول الله، ما حكم هذا الرجل؟ هو كافر. - ولا نتكلم عن هل هذا الرجل معذور في جهله أو غير معذور، لا نتكلم عن هذا، لكنه عندنا يسمى ماذا؟ يسمى كافراً. [1]
الكفر النوع الثاني: في أصل الدين، بعد المعرفة كان التصديق والإقرار. رجلٌ عرف ربه وعرف أن الله يستحق العبادة ولكنه كذَّب خبر النبي صلى الله عليه وسلم، أو كذَّب خبر الله بأنه يستحق العبادة، مع معرفته لها، - قد يكون عارفاً -، فهذا ماذا يسمي؟ كفر التكذيب.
*إذن، أولاً: يقابل المعرفة، وهو كفر الجهل. ثانياً: يقابل التصديق، وهو كفر التكذيب.
ثالثاً: لو ان رجلاً قال:"يا رب! عرفت أنك تستحق العبادة، وأصدِّق ما أخبرتني به، وما جاء به رسولك، ولكني لن أتابع ما يخبرني به رسول الله صلى الله عليه وسلم من أوامرك". ما حكم هذا الرجل؟ هو كافر. هذا الكفر ما اسمه؟ كفر الإعراض. أعرض، هو عرف وصدق وأقر بلسانه، ولكن رفض المتابعة والإلتزام. هذا، حاله كحال اليهود في ما مرّ معنا من أحوالهم، أنهم عرفوا وأقرُّوا ولكن رفضوا الإلتزام والمتابعة، وأعرضوا عن إتباع النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يدخلوا في الإسلام وبقوا على كفرهم. إذن هذا كفر الإعراض .. هذا، كفر الإعراض الكلي، واحد أعرض عن دين محمد صلى الله عليه وسلم كله، لم يتابع النبي صلى الله عليه وسلم في شيءٍ من الأمور .. لكن لو أن رجلاً أتى بمُكفِّرٍ واحدٍ من نواقض أركان الدين، .. ماهو بعض أركان الدين؟ أركانه قلنا وتكلمنا عنها، وهي إقرار حقِّ الله سبحانه وتعالى في كلِّ ما أمر من الأمور.
الآن، ما الذي جعل الرب يستحق العبادة؟ لماذا استحق الالوهية؟ لأنه ربٌّ حقيقي، فاستحق أن لا يؤله ولا يعبَد إلا هو. هذا الرب سبحانه، لابدّ أن يعَظَّم، والتَّأليه أساسه التعظيم. فهناك نواقض تنقض هذا التعظيم الذي يعود على عدم إقرار الربوبية. مثل الإستهزاء، واحد استهزأ بالله - العياذ بالله - هل عظَّم الرب كما ينبغي وكما يستحق؟ لا. فالإستهزاء هو نقض التعظيم، وهو كفرٌ ..
إخواني! هذه التقسيمات كلها للتفصيل كما ترون، فإن الإستهزاء - في الحقيقة - هو إعراض. هو إعراض جزئيٌ، لأن الله أمرك أن تُعَظِّمه وتُعزِّره، فالرجل إستهزأ، فلم يعَظِّمه ..
إذن إخواني! كما ترون، أن الكفر عند أهل السنة والجماعة - في الحيقة - كفران، كفر الجهل وكفر الإعراض. والتكذيب، إعراضٌ، لأن الله أمرك أن تصدِّق، فلم تصدِّق، وقد كذَّبت، فأنت أعرضت عن أمره .. ، إذن نستطيع أن نُرجع جميع أنواع الكفر التي ذكرها العلماء في كتبهم ببعض الحوادث التي استدلوا بها على الكفر، بماذا؟ بالإعراض. إذن عندنا الكفر قسمان: كفر الإعراض وكفر الجهل؛ الجهل بأصل الدين، وليس الجهل بفروع وأفراد مايستحق الرب من العبادة وما أمربه ..
هل يشترط للكفر، شرط"الإعتقاد"؟
(1) راجع"طريق الهجرتين"لابن القيم رحمه الله، عند کلامه عن طبقات المکلفين، الطبقة السابعة عشرة: طبقة المقلدين وجهال الکفرة وأتباعهم.