فهرس الكتاب
الصفحة 171 من 224

الآن، هذا الرجل، جوَّز شرب الخمر، وهو مع ذلك يعلم حكم الله، ويعتقد أن حكم الله خيرٌ من حكمه، ويعتقد أن هذا الحكم الذي أصدره كفر، أو يعتقد أنه ليس بكفر، كل هذه الإعتقادات، وأي نوعٍ من أنواع الإعتقادات الذي يعتقده، هل يضر بأن يكون هذا الفعل بنفسه كفراً أكبر؟ لا، لا يضر. يعني هذا الفعل عندنا كفرٌ، بغضِّ النظر عن إعتقاد الرجل.

هذه النقطة مهمة، لأننا قلنا أنه إذا تجرَّد الحكم الشرعي على عملٍ من أعمال الكفر الأكبر، فإنه لا يقتضى وجود لوازمٍ أخري، حتّى يلتحق به الكفر، بخلاف الكفر الأصغر، فصاحبه عندنا لا يكفَّر .. ، لكن هناك عمل مكفِّرٌ آخر، وهو الإستحلال، والإستحلال ما هو؟ هو تكذيب الرب .. فانتبهوا لهذا، لأنه سيترتب عليه أمورٌ كثيرةٌ ..

الآن، النقطة الأخري: السجدة للصنم، هل هذا الفعل بنفسه كفرٌ، أم أنه دالٌّ على وجود الكفر؟ نحن قلنا: أن كل طاعةٍ إيمانٌ، قلنا أن كلّ فعلٍ - من الإنسان - إيمانٌ إذا وافق الدين، وكل معصيةٍ كفرٌ، أي كل فعلٍ كفرٌ إذا خالف الشرع، أو قصد به غير الله ..

إذن الفعل - السجدة للصنم أو غيره - هو بنفسه كفر، لا أنه دليل على وجود الكفر ..

*النقطة الأخري: هل الإصرار على الكبيرة كفرٌ؟ لا. لماذا؟ لأن الكبيرة بذاتها وبتكرارها، لا تتضخَّم ولا تصير كفراً، إلا بالإستحلال. يعني واحد - مثلاً - زنى وأصرَّ وبقي يزني، ومات وهو زاني، واحد يشرب الخمر ومات وهو شارب الخمر، فهذا إصرارٌ عملي، وليس هذا كفراً، إلا أن يستحلها، لكن قد يكون مؤدِّياً إلى كفر المئآل، قد يكون إصراره على الكبيرة سبباً لأن يصير مئآله إلى الكفر وأن يموت كافراً. ولكن نفس الإصرار على الكبيرة - بدون إستحلالها - ليس كفراً ..

*نحن تكلمنا عن"عقد الإلتزام"، قلنا عقد الإلتزام، يقوم على"لا إله إلا الله محمد رسول الله".

"أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله". وقلنا أن عقد الإلتزام يتقرر بالمعرفة أولاً، ثانياً: التصديق، ثالثاً: الإقرار. الإقرار عند أهل السنة يتضمن الإلتزام والإتباع [1] ، لكن نحن ذكرنا الإلتزام والإتباع أيضاً، لأنْ لا يظن بعض الناس أن مجرد الإقرار كافٍ للإيمان، وإن لم يلتزم به عملاً، فلهذا وضعنا الإلتزام الذي هو الإتباع، هذا كله، سميناه نحن"عقد الإلتزام".

(1) قال الإمام ابن رجب الحنبلي رحمه الله:"حتّي قال کثيرٌ منهم: إن الرقبة المؤمنة لا تُجزئ في الکفارة حتّي يوجد منها الإقرار، وهو الصلاة والصيام. منهم: الشعبي والنخعي وأحمد في رواية". 1 ه {فتح الباري لابن رجب الحنبلي 1/ص 5 ط. دار ابن الجوزي} .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام