إذن، (إن الله يدافع عن الذين دافعوا) . صحيح؟ ..
إذا دافع، يحصل الوعد الإلهي، بأن الله يدافع عنه، لأنه طبّق أمر الله، بأنه إذا جاء كافرٌ عليك ليغزوك، ما المطلوب منك؟ الإيمان. إيمانك لهذه الحالة، هل هو أن تصلي؟ أو تزكي؟ أو تحج؟ أو تذهب إلى المساجد - كما فعل بعض المسلمين، كان إذا جاءهم جيش من الكفار يغزو بلادهم، ذهبوا إلى المساجد ليقرأوا صحيح البخاري! - هل قراءة صحيح البخارى عمل من أعمال الإيمان؟ نعم. لكن هل هي سبب الموجب لوقوع مدافعة هؤلاء الكفار؟ لا. إذن هل هم يستحقون وقوع الوعد الالهي عليهم؟ لا يستحقون .. واضح إخواني؟!
(إن الله يدافعوا عن الذين آمنوا) . يعني: طبِّقوا أمر الله بالمدافعة، لأن الله أمر بالمدافعة ..
والدليل الأوضح من هذا: (إن الله لا يغير ما بقوم ٍ حتّى يغيروا ما بأنفسهم) [1] ، أي: إن الله لا يغير حتّى تُغيروا - إن الله لا يدافع حتّى تدافعوا ..
إذن: وعود الله عزوجل في القرآن، تكليفٌ إلهي، بماذا؟ بتحصيل أسبابها، والسعي في إدراكها.
لما قال الله عزوجل (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ) [2] . ماهو الإيمان الذي إذا وقع من العبد استخلفه الله؟ رجلٌ ليس مستخلفاً، - أراد أن يستخلف -، ماذا يصنع؟ يغير هو، هو يغير، ويعمل ليحصل الإستخلاف ..
إذن، الوعود الإلهية هي تكاليف عملية، وهذا بالسعي في إدراكها، والسعي في تحصيل الفعل، الذي هنا، الإرادة والمحبة وحصول القدرة عليها. إذا لم يكن القدرة، فهو متخلف العمل، فليس له نصيب من الوعد الالهي ..
وعلى هذا راجعوا حساباتكم وكلام مشايخكم وأعمالكم، وخطبائكم، راجعوا القضية ..
إذن، الآن، إفهموا - و أنا أفهم معكم - لماذا الصحابة، لمّا فهموا الإيمان، صاروا بنوا الحياة، ونحن ما الذي أذلّنا؟ قضية عدم فهم الإيمان. القضية أنه: الصحابة فهموا الإيمان، فهمو الحياة فصاروا أسياد الدنيا والآخرة .. ونحن تركنا مفهوم الإيمان علماً، فأورثنا كذلك الجهل بالعمل ..
نتابع المسألة لما يترتب عليها من الفوائد العظيمة: فإذن لمّا أنت تريد يا شيخ أن تقيم دولة الإسلام، ماذا تفعل؟ يعني الله عزوجل وعدك بأن يستخلفك، ماذا تعني إستخلاف الله لك؟ أن تقيم دولة الإسلام .. ما هو الأمر الذي يقيم دولة الإسلام؟ - ماهو سبب إقامة دولة الإسلام؟ - أن تقيمه في الواقع وعملاً ..
(1) الرعد (11) .
(2) النور (( 55) .