عابداً، وكان لا يترك قيام الليل [1] - فقال عمروبن عبيد:"اللهم إنك لم ترد أن تسرق ناقته، [2] فسُرِقَتْ، فارددها عليه! فقال الأعرأبي: لا حاجة لي في دعائك! قال: ولم؟ قال: أخاف - كما أراد أن لا يسرق فسرقت - أن يريد ردها فلا ترد!! .."
إذن هذا هو العدل عند المعتزلة، العدل عندهم هو عدم إثبات كتابة الله ولا أرادته ولا خلق لله عزوجل، وانما الإنسان هو الذي يريد. أرادته مستقلة، مافيه إرادة لله عزوجل، والإنسان هو الذي يخلق أفعاله و ..
الآن نأتي إلى الأصل الثالث عند المعتزلة وهو:"منزلة بين المنزلتين".. ماذا تعني هذه الكلمة؟ هذه شرحناها في المقدمة. - عندهم - إذا مسلم زنيا، فما هو؟ فاسق. هل هو مسلم؟ لا. هل هو كافر؟ لا. منزلة بين المنزلتين ..
كما ترون، أن المعتزلة لم يهتدوا إلى مذهب أهل السنة في هذه المسألة، ولم يرتضوا مذهب الخوارج، فحأولوا أن يجعلوا لهم وسطاً في هذه المسألة ..
نأتي إلى الأصل الرابع عندهم وهو"إنفاذ الوعد والوعيد". تبعاً لمنزلة بين المنزلتين ..
عندنا - أهل السنة والجماعة، إذا زنيا مسلم معتصم بإيمانه ولم ينتقض إيمانه بكفر، هل هو معرَّض لرحمة الله؟ ممكن أن تكون له من الطاعات ما تكفِّر عنه هذه المعصية؟ ممكن أن يقع في بعض المصائب والشدائد، فتذهب عنه إثم هذا الذنب؟ ممكن؟ نعم .. ممكن أن تستغرقة
(1) يقول الشيخ المؤلف حفظه الله:"أغلب أئمة المعتزلة کانوا زهاداً، وکانوا محاربين أشداء بالکلمة، کانوا أصحاب الکلمة، وکانوا لا يحابون في کلمة الحق. بخلاف أصحاب التنوير الأن مثل"محمد عمارة"وکذلک"راشد الغنوشي"و أمثال هؤلاء، الذين، لما يقرءون مذهب المعتزلة، يرون فيه کما ترون، تحرير الإنسان، بدل أن تنسب الإرادة لله، تنسبها لل إنسان، هؤلاء الذين لم يعرفوا مذهب أهل السنة والجماعة علي الحقيقة، ورأوا مذهب الجبرية والمرجئة، في الکتب التي يقال عنها، هذه الکتب تحتوي آراء أهل السنة والجماعة، وهي في الحقيقة علي مذهب الأشاعرة وليست علي مذهب أهل السنة والجماعة، إذن قرأوا کتب أهل السنة المزعومة ورأوا أن الإنسان لا قيمة له فيها، حتّي لم يثبت له إرادة، وإذا أثبتوا له إرادة - کما عند الأشاعرة - لا يثبت لها الفاعلية - کما عند الأشاعرة فيما يسمي عندهم کسباً، فلما رأوا هذا، قالوا فالأفضل المعتزلة .."
فهؤلاء، أصحاب التنوير المعاصرين لم يعرفوا أهل السنة والجماعة علي الحقيقة، ويميلون إلي مذهب الإعتزال، لأن فيها تعظيم لل إنسان، وفيها تحرير لل إنسان ولذلک نري هؤلاء، يقولون هذه الکلمات الضالة التي يقولونها، هم أشباه المعتزلة، ولکن مع هذا لا نري فيهم ما کان عليه أئمة المعتزلة الأوائل من الصدع بالحق والزهد والعبادة وغيرها من الصفات الحسنة التي کانت فيهم ... المقصد أن هؤلاء المدَّعين للتنوير والعقلأنية لم يفهموا المعتزلة علي الحقيقة -کما لم يفهموا ولم يعرفوا أهل السنة والجماعة.
(2) مذهب عمرو بن عبيد والمعتزلة:"من حيث أن سرقة الناقة معصية، إذن - علي مذهبه - أنها لم تقع بإرادة الله، بل وقعت بإرادة السارق فقط، أي غلب إرادة السارق علي إرادة الله - العياذ بالله -".