فهرس الكتاب
الصفحة 160 من 224

والمستحبات في الحج، كذلك، معروف وواضح ..

إذن كل شيء في الدنيا له أركانه وواجباته ومستحباته، قدراً وشرعاً، كما رأينا، الصلاة، الزكاة، الحج، الإنسان، البيت، الهواء، كل شيءٍ .. ، [1] أي هذا المتعدد، ليس على مرتبة واحدة ..

إذن الإيمان وشعب الإيمان - ككل شيء -، ليست على مرتبةٍ واحدة .. شعب الإيمان فمنها الركن، ومنها الواجب، ومنها المستحب .. ، إذا ذهب الركن، ذهب الإيمان، وإذا ذهب الواجب، ينقص الإيمان، فهو إيمان ناقصٌ، والمستحب مرتبة تفاضل الذين إكتملوا الإيمان الواجب، وأصل الإيمان، كالأنبياء عليهم السلام فتفاضلهم بمستحبات الإيمان ..

وينقص الإيمان، حتّى يصبح ضوءه مثل"أُنْمُلة"، ويكبر إلى حيث يشاء الله، وبمقدار وجود الإيمان، يكون النور يوم القيامة .. لكن هذا إذا كان أصل الإيمان والركن موجوداً، وإلا لا ينتفع الواجب شيئاً، مع عدم وجود الأصل .. ، واحدٌ صلَّى وعمل بواجبات الصلاة وترك الأركان، فهل صلاته صحيحة؟ لا. فالأصل الركن، فإذا وجد ركن الشيء، وجد الشيء، وبعد ذلك يتم النقص بدرجته .. [2]

وصلنا إلى النقطة الرابعة التي سنتكلم عنها إن شاء الله. عند أهل السنة والجماعة، أنّ المرء - بعد أن يستقر أصل الإيمان لديه -، ممكن بعد ذلك أن يجمع في قلبه وفي نفسه وفي عمله، إيمان وكفر. وليس المقصود من الكفر هنا، الكفر الأكبر، بل المقصود، الكفر الأصغر. وصورته أن يجمع الرجل طاعة ومعصيةً، بحيث إذا أطاع الله في عملٍ من الأعمال، فقد حصل لديه الإيمان، وإذا عصى الله في مسألة، أو قصر في واجبٍ من واجبات الإيمان، إجتمع لديه الكفر. - أي الكفر الأصغر - .. [3]

(1) انظر مجموع الفتاوي لابن تيمية (12/ 472) .

(2) ضابط ما يدخل في أصل الإيمان والإيمان الواجب والإيمان المستحب، من الأعمال والأقوال، کالتالي:

*أصل الإيمان:"کل عملٍ أو قولٍ، يکْفُر تارکه ففعله من أصل الإيمان، ک (الصلاة، إقرار اللسان بالتوحيد، التصديق و .. ) وکل عمل أو قولٍ يکفر فاعله، فترکه من أصل الإيمان .. مثل (الشرک، القتال في سبيل الطاغوت و .. ) ."

*الإيمان الواجب:"کل قولٍ أو عملٍ ورد في ترکه وعيد ولم يکْفُر تارکه، ففعله من الإيمان الواجب، ک (الصوم، بر الوالدين، صلة الرحم و .. ) ، وکل قولٍ أو عملٍ ورد في فعله وعيدٌ ولم يکفر فاعله، فترکه من الإيمان الواجب، مثل ترک {الربا، السرقة، الزني و .. } ."

*الإيمان المستحب: کل قولٍ أو عمل ورد علي فعله وعدٌ بالثواب، ولم يأثم تارکه، ففعله من الإيمان المستحب (کفعل جميع المستحبات) . وکل قول وعمل، ورد علي ترکه وعدٌ بالثواب ولم يأثم فاعله، فترکه من الإيمان المستحب (کترک جميع المکروهات) . والله اعلم.

(3) ننبه علي أن قول النبي صلي الله عليه وسلم (لا يجتمع الإيمان والکفر في قلب أمريء) {مسند أحمد 8577: حديث حسن} ، المراد بالکفر هنا، هو الکفر الأکبر". لا الکفر الأصغر .. کما أشار إليه الشيخ في کلامه .. والله اعلم .."

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام