الآن، هل أوامر الله سبحانه وتعالى في تشريعه وأحكامه، كلها على مرتبة واحدة؟ يعني هل جميع الأوامر كلها فرائض؟ أو جميع الأوامر كلها اأكان؟ أو جميع الأوامر كلها مستحبات؟ أم أنها مراتب متعددة؟ أنها على مراتب متعددة، هناك في دين الله من الأوامر ما هو أركان، وهناك ما هو واجب، وهناك ما هو مستحب ..
الآن نتكلم عن"ماهو الركن؟"وماهو الواجب؟ وما هو المستحب؟ ..
كل فعلٍ في الدنيا، كل شيءٍ في الدنيا، له أركان وله واجبات وله مستحبات ..
إخواني! لا يوجد شيءٌ في الدنيا إلا وهو متعدد، لا يوجد شيءٌ في الدنيا لا يكون له شعب وأجزاء، لا يوجد شيءٌ واحد، حتّى الأمور المعنوية، متعددة كذلك. مثلاً الحُبُّ، هل الحُبُّ مرتبةٌ واحدة، أو متعدد؟ متعدد .. الآن أنت تحب والدك وتحب أمّك، قدتكون محبتك لأمّك أكثر من محبتك لوالدك، وكلاهما تسمى محبة، ولكن تتفاوت، إذن هي متعددة ..
الآن ماهو الركن؟"الركن ما كان داخلاً في ماهية الشيء ولا يصح الشيء إلا به". [1] والتفريق بينه وبين الشرط، أن الشرط، ماكان خارجاً من ماهية الشيء ولا يصح الشيء إلا به ..
الآن، أضرب لكم الأمثلة، أضرب المثل الشرعي وأتابعه بالكوني والخلقي، حتّى تروا أن القضية واحدةٌ، وهي موافقة الشرع للكون. وهذا يدل على أنه الحق ..
الآن أنت إنسان .. و الإنسان مخلوق، ماهو الشيء الذي في داخل الإنسان ولا يقوم الإنسان إلا به؟ ماهو؟ القلب، الروح، الدم .. ، هذا داخل في ماهية الإنسان ولايصح وجود الإنسان، ولا حياة للإنسان، إلا به .. هذا مثال للركن في المثال الكوني، وأما الركن، في المثال الشرعي فنأتي إلى الحج مثلاً، ما هي أركان الحج؟ الوقوف بعرفة، السعي بين الصفاء والمروة و ..
فهذه من أركان الحج التي داخلة في ماهيته ولا يصح الحج إلا بها ..
ثانياً: الواجب .. ماهو الواجب؟ نتكلم عن الواجب بالمفهوم الشرعي والقدري ..
الواجب: هو ماكان داخلاً في ماهية الشيء، وإذا نقض، ينتقص الشيء. - ونلاحظ أن هذا قد انتقص الشيء نقصاً في ماهيته، لكن لا يذهب الشيء بنقضه.
الآن المثل الكوني للواجب: الإنسان، ماهو الواجب فيه؟ عينه، يده، رجله، و .. ، هذه أشياء في ماهية الإنسان، ولكن لا يلزم من عدمها، ذهاب حياة الإنسان، ينتقص الإنسان ولكن يبقى إسم الإنسان قائماً فيه. ويكون بهذا، إنساناً ناقصاً .. ، وأما المثال الشرعي للواجب، مثلاً: المبيت بمزدلفة، رمي الجمار و ..
ثالثاً: المستحب: هو ما كان داخلاً في حقيقة الشيء، وذهابه لا يؤثر في إسم الشيء ولا في حقيقته. يعني هو أمر تكميلي وتحسيني.
الآن، الإنسان، مثال مستحباته: واحد أصلح شعر رأسه، قصّره و ..
(1) راجع"التعريفات"للجرجاني، وانظر الموسوعة الفقهية الکويتية (30/ 200) .