ونحن نقول: إذا وجد السبب، دائماً لازم أن يوجد المسبَّب، إذا وُجد الطعام؛ لازم أن يوجد الشَّبع. قد تتخلف؟ نعم قد تتخلف. لكن بماذا؟ بأمرٍ خارق للعادة، بإمتهان من الله، بكذا وبكذا. لكن ليست هذه، السنة الجارية، ولذلك كنت أقول للمشايخ الذين تكلمت معهم، نقول لهم: أتحدَّاكم إنكم، يوم في حياتكم، تخلفت السنة من أجلكم! المجاهدون، الأولياء .. ، إن كان لله أولياء في الأرض، فالذين يجاهدون في أفغانستان من الأولياء، شاء من شاء، وأبى من أبي، ولتحمرَّ لها الأنوف!!، هؤلاء أولياء الله في هذا الزمان، وظهرت على أيديهم كرامات، لكن لمّا كان المجاهد يضع رجله على اللغم، اللغم ينفجر عليه، لكن هل لأنه مجاهد ومن أولياء الله، يقال له إمشي وضع رجلك على اللغم لا يضرك! هل يحصل هذا؟ هذا ممكن، لكن السنة كيف؟ حديثنا عن السنة، حديثنا عن العلاقة الصحيحة السننية .. فهمتم كيف الآن التقوي؟
التقوى متخلفة بعدم وجود الأسباب، إما بتخلف الإرادة، وإما بتخلف القدرة .. صحيح إخواني؟
هذا، كلام علمائنا، كلامي في حديث (ناقصات عقل ودين) ، هذا كلام شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه الإيمان، [1] لست بدعاً من القول، أنا ناقل، لست بمفتري ..
انظروا ماذا صنع الإيمان عند الصحابة، لأنه واضح لديهم بهذه المفاهيم، لكن الإيمان ماذا يصنع فينا في هذا الزمان، لأنه مجهول لدينا!!. ماذا يصنع فينا الإيمان الآن؟ يصنع فينا الإيمان، أن نهتم بجانب الباطن، لكن لما يأتي الحديث عن القدرة، يقول لك"دع هذا لمن هو أهل له، الله! الله يتدخل، الملائكة .."، ويتكلم بكلام أفيون وغيره .. واضح إخواني؟
إخواني! هذه النقاط إهتموا بها، لأنكم بعد ذلك لا تفهمون القرآن، هذه المسائل، مفاتيح فهم القرآن ..
الآن لندخل في قضية الوعود الإلهية ..
هل فهمنا مناط تقدم المسلمين ومناط جهلهم وتأخرهم؟ ماهو مناطه؟ الإيمان علماً وعملاً ..
الآن: الوعود الإلهية: أولاً بماذا مربوطة دائماً؟ بالإيمان، جميع الوعود الإلهية مربوطة بالإيمان. والإيمان هذا، تكليفٌ، ماهو هذا التكليف؟ تحصيل الأسباب الموجِبَة لوقوع الفعل. أنت مكلَّف بإنشاء الإرادة، وإنشاء القدرة عليه، والبحث عنه ..
ثانياً: الإيمان عندنا، متعددٌ وليس مرتبة واحدة. هل في الدنيا شيءٌ واحد بذاته لا يتعدد، يصلح علة لكل شيء؟! لا. ماهو علة الشبع؟ الطعام. الطعام، ماهو؟ سبب، والماء سبب. اثنين التقوا بهذا الأمر، كلاهما سببٌ. هل نستطيع حينئذٍ بمنطق أرسطي الكذاب أن نضع الماء،
(1) انظر"مجموع الفتاوي" (7/ 233) .