فهرس الكتاب
الصفحة 137 من 224

لابدّ أن نشرح لكم هذه المسألة مختصراً: تصوروا"اللفظ العربى"، كرةً، أيُّ لفظٍ من الألفاظ، تصوَّروه كرةً، مثل لفظ (الإنسان) ، تصوروا أن كلمة (الإنسان) ، دال على معني، ففيها معنى غالب، قديكون هذا المعنى الغالب تسعين بالمائة (90%) ، وفيه معاني أخري، قديكون هذا (7%) وهذا (3%) ..

فكلمة (الإنسان) . إذا أُطلقت، فإنها لا تُطلق إلا على الإنسان المعروف المخلوق الذي خلقه الله، أنا وأنت و .. ، لكن كلمة (الإنسان) ، ربما تطلق على بعض المعاني الأخري، غير هذا المعنى المشهور، إلى معاني أخرى محتملة في داخل اللفظ ..

إذن اللفظ الواحد، يحتوي على عدة معاني، فيه معنى ظاهر كبير، وفيه معنى أخرى صغيرة، فالأصل - في فهم معنى اللفظ - حمل اللفظ، إذا أُطلق على المعنى الظاهر، هذا يسمَّى عند العلماء"الظاهر"، والمعاني الأخري، لاتكون ظاهرة، بل تكون خفيَّة ..

هؤلاء - أهل التأويل - يقولون: الأصل: أن اللفظ يحمل على المعنى الظاهر، لكن لوجود دليل آخر مُحتَمَل، لوجود قرينة، فإننا علينا أن نحمل اللفظ، على المعاني الأخرى المحتملة في داخل اللفظ، لتوافق ما قرره العقل .. هذا هو التأويل عندهم ..

نضرب أمثلة: مثلاً: قضية الكلام، التي تكلمنا عنها في الدروس السابقة، قال الأشاعرة:"لو قلنا أن الله يتكلم بحرفٍ، فهذا يشبه كلام المخلوق، لأن المخلوق يتكلم بحرفٍ، ولو قلنا: الله يتكلم بصوت، فإن الصوت هو كلام المخلوق، فلا ينبغي أن يشابه كلام الخالق كلام المخلوق، إذن ينبغي أن نصرف معنى الكلام، من الحرف واللفظ والصوت، إلى معنى الكلام بالمعنى النفسي القديم. والكلام في لغة العرب، قديطلق على المعنى النفسي، كما قال عمر رضي الله عنه:"زورت في نفسي كلاماً"، وكما قال الشاعر:"إن الكلام لفي الفؤاد وإنما جعل اللسان على الفؤاد دليلاً".. [1] "

خاتمة مبحث"تحديد فرقة أهل السنة والجماعة"و"الكلام عن الفرق"

قد إنتهينا من تحديد ملامح ومنهج أهل السنة والجماعة وتكلَّمنا عنه بتفصيل. وأظن أننا قد إستوعبنا لوازم ومعاني ومقتضيات هذه العبارة (ماأنا عليه اليوم وأصحابي) ، الذي أُشتُقَّ منها شعار"أهل السنة والجماعة"، ما نحتاج إليه في عصرنا هذا. لأن عصرنا هذا مليءٌ

(1) بطلان هذا التأويل واضح، کما سبق في مبحث"کلام الله عند الأشاعرة".. وهذه القواعد المنطقية والفلسفية التي جعلوها قواعد ثابتة وجعلوها هي (العقل) عندهم، قواعد ما أنزل الله بها من سلطان، وآية واحدة في کتاب الله کافية في رد جميع هذه الأهواء والإنحرافات، وهي قوله تعالي: (ليس کمثله شيء وهو السميع البصير) الشوري 11.

الشيخ المولف - حفظه الله - في کلامه علي الأشاعرة في هذا الموضع، يتکلم عن موضوع"الأسماء والصفات"عند الأشاعرة وذکر انحرافاتهم في هذا الموضوع ويبين مختصراً معتقد أهل السنة والجماعة في الأسماء والصفات .. نظراً بأن هذا الموضوع - أعني - (الأسماء والصفات) ، قد أُلِّفَ فيه کتبٌ جامعةٌ ومفيدة - کعقيدة الواسطية و .. - وهذه الکتب منتشرة وموجودة عند عامة الإخوة، فلهذا، حذفنا هذا المبحث ولم نقم بکتابته، إختصاراً لموضوع الأشاعرة وعدم التطويل فيه أکثر مما نحتاج إليه في هذا الکتاب الذي، أصل موضوعه"مسمي الإيمان"عند أهل السنة والجماعة. نسأل الله تعالي أن يوفقنا في هذا العمل وفي کل الأعمال الصالحة، وأن يبارک في هذا الکتاب ويجعله نافعاً. آمين!

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام