بالفتن وقد ترون في الدروس إتجاهاً واضحاً في الرد على - المنحرفين من - المسلمين، ولم ننشغل بالرد على الكافرين، لم ننشغل بالرد على المستشرقين، لم ننشغل بالرد على أعداء الملة والدين. السبب في ذلك، أن هؤلاء، بالنسبة إلينا، قضيتهم واضحة. ولكن إن أعظم الفتن بالنسبة إلينا نحن، من يطرح الافكار الغلط والمذاهب التي تُسمَّى عند الناس بالمذاهب والفِرَق والنظريات الإسلامية. وعصرنا الذي نعيش فيه قد إمتلأ ممن يرفع شعار الإسلام، ونرى الكثير ممن يقفز قفزات، - تستغرب أنت منها -، يكون في لحظةٍ مُنَظِّراً للشيوعية، مُنَظِّراً للقومية، فإذا صار للإسلام مَدٌّ ما، أو قبولٌ ما - في المجتمع -، قفز إلى الإسلام وهو يحمل الدَّخن الكثير .. ، أو كثيرٌ من الناس الذين يحملون الإسلام، قد تأثّروا كثيراً بأفكار الغير ..
أُريد أن أُنَبِّه، - قد يرى القارئ، أو المستمع، - و يقول - هذا المتكلم (أو الكاتب) ، ترك كل أعداء الدين وانشغل بالمسلمين وبالحديث عنهم؟! - ..
أريد أن أُنَبِّه، أنّ بالنسبة لنا، نحن الذين نزعم أننا نريد أن نحيى دين الله عزوجل، نرى أن قضية الفساد بالنسبة إلى المسلمين، جاءت من المشايخ وجاءت من قادة الحركات، وجاءت من دخن الحركات الإسلامية. فكنا في تحديدنا لشعار أهل السنة والجماعة، نبحث عن هذا الشعار وضروراته بالنسبة لما نحتاج إليه في هذا العصر، ما نحتاج إليه، فأخذنا منه هذه المعالم التي، إن شاءالله إذا عاودتم الكرة بعد الكرة، والمرة بعد المرة، إستماع الأشرطة - أو قراءة الكتاب -، أنها تعيد إليكم الصياغة العقلية من خلال الدليل.
فكما رأيتم، هذه العبارة (ماأنا عليه اليوم وأصحابي) .. كانت كافية شاملة، في طرحها للحق، في طرحها لما يحتاجه المسلم المعاصر الذي يريد أن يقتدي بالمسلم الصحابي الذي رضى الله تعالى عنهم.
فانتهينا بفضل الله عزوجل .. و عودوا كما قلت - مرة بعد مرة - لإستماع الأشرطة، حتّى إن شاءالله، تجدوا فيها المنهج الذي أردناه ..
و تابعنا بعد ذلك الكلام من الفرق، وقلنا ما هو سبب كلامنا عن الفرق، لأننا نحن وراث لكثير من إنحرافات الفرق الإسلامية التي دخلت في التاريخ الإسلامي وفي المجتمعات الإسلامي. نحن نحمل كثيراً من الوراثات أو من الوراثة الباطلة لهذه الفِرَق وضلالها ..
ونحن تكلَّمنا عن الأثر .. ، ولم يكن هدفنا، أن نعرف من هم المعتزلة، الذين يقولون بالمبادئ أو الأصول الخمسة و .. ، ولكن هدفنا معرفة أثر هذه المبادئ على نفسية الإنسان وعلى حركة الإنسان وفي عبادته لله وفي حركته للحياة. وكذلك في كلامنا عن الأشاعرة - كما رأيتم كل وضعٍ من أوضاع الأشاعرة -، تكلمنا عن الأثر، وهذا هو المهم لديَّ أنا ..
قديقول قائل، الأشاعرة يقولون كذا، هذا قضية فكرِية، وخصومة عقدية، لكن ليس لها أثر على حركة الإنسان ..
نحن بينا كم هو خطر تلك الأفكار على الإنسان، لأن الإنسان أسيرٌ لأفكاره وإرادته، كما بينا في أول الدروس، أن الإرادة منطلقة من ماذا؟ تنطلق من القوة الدافعة ومن العلم. القوة الدافعة، وهي"الرغبة"لتحصيل الشيء المحبوب، وضعه الله في قلب الإنسان، كتحصيل