الأول: العين القأئمة بنفسها، وإضافتها إليه من باب إضافة المخلوق إلى خالقه، وهذه الإضافة قد تكون على سبيل عموم الخلق كقوله تعالي: (و سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعاً منه) [1] ، وقوله تعالي: (إن أرضي واسعة) . [2]
وقد تكون على سبيل الخصوص لشرفه، كقوله تعالي) وطهِّر بيتي للطائفين) [3] ، وكقوله تعالى (ناقة الله وسقياها) [4] ، وهذا القسم مخلوق ..
الثاني: أن يكون شيئاً مضافاً إلى عين مخلوقه يقوم بها، مثاله قوله تعالي: (و روح منه) . [5]
فإضافة هذه الروح إلى الله من باب إضافة المخلوق إلى خالقه تشريفاً؛ فهي روح من الأرواح التي خلقها الله، وليست جزءً أو روحاً من الله؛ إذ أن هذه الروح حلت في عيسى عليه السلام، وهو عين منفصلة عن الله، وهذا القسم مخلوق أيضاً ..
الثالث: أن يكون وصفاً غير مضاف إلى عين مخلوقه، مثال ذلك قوله تعالي: (إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي) ، [6] فالكلام أضيف إلى الله من باب إضافة الصفة إلى الموصوف، فإذا أضاف الله لنفسه صفة، فهذه الصفة غير مخلوقة، وبهذا يتبين أن هذه الاقسام الثلاثة: قسمان منها مخلوقان، وقسم غير مخلوق. فالأعيان القأئمة بنفسها، والمتصل بهذه الأعيان، مخلوقة، والوصف الذي لم يذكر له عين يقوم بها، غير مخلوق؛ لأنه يكون من صفات الله، وصفات الله غير مخلوقه ..
إذن، إذا كان المضاف يستقل بوجوده عن المضاف إليه، فحينئذٍ النسبة إليه، نسبة ملك، وإذا كان المضاف لا يستقل بوجوده عن المضاف إليه، فالنسبة نسبة صفة، واضح؟
فهنا، السمع، صفةٌ لله، والبصر صفة لله، واليد صفة لله، والقدرة صفة لله عزوجل، لأنها لا تستقل بنفسه عن الله عزوجل. لكن إذا كان المضاف يستقل بوجوده ممكن تصوره، مثلاً، يمكن تصور بيت وحده، بيت خالد، خالد في مكان والبيت في مكان آخر، يستقل بوجوده عن خالد، فإذا هذا نسبة ملك ..
إذن هكذا نتفرق بين نسبة الصفة ونسبة الملك والخلق .. والتفريق واضح.
والمعتزلة لا يفرقون بينهما، الكل عندهم نسبة ملك، - عندهم - السمع مملوك وليس صفة لله، والبصر مملوك وليس صفة لله، وهكذا ..
(1) الجاثية 13.
(2) العنکبوت: 56.
(3) الحج: 26.
(4) الشمس: 13.
(5) النساء (171) .
(6) الاعراف: 144.