فهرس الكتاب
الصفحة 84 من 224

والصوفية عندهم، كلها، نسبة صفة، يعني الكل عندهم، هو الله، أي"وحدة الوجود"، فعندهم، بيت الله، هو الله، وهو صفة من صفات الله وجزءٌ من الله، وهكذا الدابة والبيت والناقة و .. لأن عندهم لا فرق بين البيت المخلوق وبين الله الخالق .. فالكل واحد - العياذ بالله - ..

نرجع إلى معنى التوحيد عند المعتزلة ..

فالتوحيد عندهم هو"إفراد القديم"الذي يستلزم عندهم تعطيل الذات عن الصفات، هذه القضية من أين جاءتهم؟ .. بعض أهل السنة يقول - ويقول بعض كتب الملل والنحل - أن سبب ورود هذه الشبهة عليهم، هي شبهة النصاري ..

نحن نقول - كما في كتابنا -"أن عيسى هو روح الله وكلمته"."عيسى كلمة الله".. نحن لابدّ الآن لو قلنا"كلمة الله".. كلام الله ما هي؟ هي صفة الله .. لكن ها هنا، (عيسى كلمة الله) ، هل يجوز أن نقول"عيسى صفة الله، لأن الكلمة هي صفة من صفات الله"؟ القرآن كلام الله، صفة من صفات الله ..

فجاء النصارى وقالوا " أنتم تقولون"عيسى كلمة الله"وكلمة الله صفة من صفاته، إذن عيسى هو صفةٌ من صفات الله، إذن هو إله، إذن نحن على الحق فيما نقول بإلهية عيسي .. "!

قال كتب الملل - المعتزلة - لم يفهموا ولم يدركوا كيف يردوا على هذه الشبهة، فاضطروا أن يعاكسوهم في القضية، وقالوا"كلمة الله المخلوقة"، لأن عيسى كلمة الله، وكلمة الله مخلوقة، إذن عيسى مخلوق، إذن كلمة الله مخلوق، إذن القرآن مخلوق .. ! فهمتم هذه القضية كيف جاءت؟ ما هو الرد عليهم؟

الرد عليهم - مختصراً - أن، عيسى عليه السلام، ليس هو ذات الكلمة .. ، كلام الله تعالى إما أن يكون تشريعاً، فيه الأخبار والأوامر كالقرآن، وكلمته كذلك أوامره التكوينية ..

أما أوامره التشريعية، كقوله لك: صلِّي، زكي، حج،"يا أيها الذين آمنوا توبوا .."هذه الكلمة، التشريعية، وأما أوامره التكوينية، كأن يقول لشيء كن، فيكون، أي الله تعالى يخلق الخلق بكلمته التكوينية، هل الخلق هو ذات الكلمة؟ بمعنى أن الله سبحانه وتعالى قال لعيسي:"يا عيسى كن"كما قال لآدم"كن"؛ هل هو - أي عيسى - لفظ كن. أو هو مقتضى الكلمة التي قالها الله عزوجل؟ هو مقتضى الكلمة، وليس هو ذات الكلمة، فهمتم؟ إذن أطلق الله تعالى على عيسى عليه السلام كلمة؛ لأنه خلق بالكلمة عليه السلام، والآية ليس على ظاهره؛ إذ عيسى عليه السلام ليس كلمة؛ لأنه يأكل ويشرب وتجرى عليه جميع الأحوال البشرية، قال الله تعالي: (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون) . [1]

وعيسى عليه السلام ليس كلمة الله؛ إذ إن كلام الله وصف قائم به، لا بائن منه، أما عيسي، فهو ذات بائنة عن الله سبحانه -، يذهب ويجيء، ويأكل الطعام ويشرب ..

هذا هو الرد على هؤلاء الجهلاء .. و هذا هو التوحيد عند المعتزلة ..

(1) آل عمران: 59.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام