جماعة من فرق أهل البدع، وهذا سواء الإمام موجود أو غير موجود، يعني هذا أمر ينبغي أن تكون عليه على أي حال - وجد الإمام أو لم يوجد - ..
الآن! لما قال صلى الله عليه وسلم له:"خيرٌ وفيه دخن"، لو كانت القضية متعلقة بكونه من أهل الحق أو من أهل الباطل، لكان كافياً لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول له:"فكن مع الخير وإياك الدخن". لو كانت القضية متعلقة بالخير، بمعنى ماذا؟ أهل الحق، التزام الحق، معرفة الحق والقيام به .. ، لوكانت القضية بهذا البعد وهذا المنحى وهذا المفهوم لكان كافياً أن يقول صلى الله عليه وسلم:"فكن مع الخير وإياك والدخن". [1] لماذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم: أن تلزم جماعة المسلمين وإمامهم؟ .. إذن هل هنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحدث عن الفِرَق الإعتقادية، أم الفرق بمفهوم المنطوين تحت راياتٍ - أئمة وغير أئمة -؟ على أى حديثٍ يتحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ عن ماذا يتحدث صلى الله عليه وسلم حينما يسأله الحذيفة رضي الله عنه"فما تأمرنى إن أدركنى ذلك"؟ فيقول صلى الله عليه وسلم له"تلزم جماعة المسلمين وامامهم"؟ عن ماذا يتحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ربما يكون إمام المسلمين من أهل البدع، إذن عن ماذا يتحدث؟
حديث حذيفة هذا، على ماذا يدور، هل يتحدث عن قضايا"ستفرق أمتى على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة، وهي: ما أنا عليه اليوم وأصحابي"؟ الجماعة الذين يلتزمون الحق، وجد الإمام، أو لم يوجد؟ هل هذا الحديث - ما أنا عليه اليوم وأصحابي - في هذا الزمان الذي لا يوجد فيه إمام ممكن، هل ينطبق على جماعة من الناس أو لا ينطبق؟ هل في هذا الزمان، موجودٌ ناسٌ يكونون على ما هو عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ام لا؟ نعم موجود - كما يدل عليه حديث الطائفة المنصورة - ..
إذن حديث"ماأنا عليه الوم وأصحابي"لا يتحدث عن قضايا"الإمام الممكن، أي، القضية التي يدل عليها حديث الفرقة الناجية، هي قضية الذين يعتقدون الحق ويلتزمونه ويقومون به .."
الآن! حديث حذيفة، هل يتحدث عن نفس المعنى الذي يتحدث عنه حديث الفرقة الناجية؟ لا، لو كان نفس المعني، لكان قول النبي صلى الله عليه وسلم"عليك بالحق وعليك بالخير وإياك والشر والدخن وإياك والدعاة إلى أبواب جهنم"!. لكن النبي صلى الله عليه وسلم يتحدث عن افتراقٍ سياسي، ولايتحدث عن إفتراق عَقدي، لأنه قديكون امام المسلمين من أهل الفرق البدعية، فهل يأمر النبي صلى الله عليه وسلم، وهل يمكن أن يقول له"فعليك بما عليه الإمام"؟!.
عندنا مانعان لأن نقول أنّ هذا الحديث يبحث عن المسائل الإعتقادية: المانع الأول: أن النبي صلى الله عليه وسلم تحدث عن قضية الإمام والإلتحاق به ولم يتحدث عن قضايا الإعتقاد وتصورها والإيمان بها والتزامها. ولو كان النبي صلى الله عليه وسلم يتحدث عن قضايا الإعتقاد، لما قال له:"خيرٌ وفيه دخن"، لو كان يتحدث عن قضايا الإعتقاد، ماذا كان
(1) ونعلم أن أهل الحق والخير باقون إلي قيام الساعة ولا يضرهم من خالفهم أو خذلهم. کما جاء في حديث الطائفة المنصورة.