فهرس الكتاب
الصفحة 46 من 224

إذا هنا الجماعة، بمفهوم أضيق من الجماعة المنطوين تحت راية الإمام الممكن.

و المنطوون تحت راية الإمام الممكن قد يكونوا من أهل البدع فكأن يكونوا جبرية، أو يكونوا مرجئة، ويقاتلون مع الإمام، ومع ذلك لا يسمون أهل السنة والجماعة، لأن الجماعة بهذا المفهوم الضيق الذي نبحث عنه، هم مَن؟ أهل الحق الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: الفرقة الناجية، (ما أنا عليه اليوم وأصحابي) ، أهل الحق الذي يقومون بالأمر الحق الذي ينبغي أن يكون عليه المسلم ..

هذا التارك لأهل الحق والباقى مع جماعة المسلمين - المنطوين تحت راية الإمام - مسلمٌ مبتدعٌ، كما ستراه، والخارج من جماعة المنطوين تحت راية الإمام قديكون مسلماً صالحاً ومن أهل الحق، لأن كثيراً من أهل الحق مَن خرج عن الإمام الممكن وبقي مع أهل الحق، ولكنه من البغاة. مثلاً بعض العلماء يعُدُّ عبدالله بن زبير (رضي الله عنه) من البغاة وبعضهم لا يعُدُّهُ من البغاة، وإنما يعُدُّ من كان عبدالله ضدّه من البغاة.

مثلاً ابن حزم رحمه الله يعده خليفة ويعد الآخرون بغاةً، - يقول - فلما تَمَكن ابن زبير صار هو الخليفة وغيره هو الباغي .. وهكذا .. و مع ذلك فإن ابن زبير من أهل الحق ..

فكون الرجل من البغاة لا يخرِجه من كونه من أهل الحق وإن أصابه بعض المعصية التي تعادل بَغيه، إذا كان قد خرج بتأويل، والتأويل على غير وجهه الصحيح.

إذا هؤلاء هم الجماعة .. الآن ما المقصود بأهل السنة والجماعة؟ الجامعين لهذه وهذه، الجامعين صفة (المنطوون تحت راية إمام مُمكن) وصفة (كونهم أهل الحق) ، ليخرج منهم أهل البدع وهم المنطوون تحت راية إمام ممكن فهؤلاء هم الجماعة، فأهل السنة والجماعة الذين يرون القتال مع الإمام وإن كان فاسقاً، يقاتلون مع البَرِّ والفاجر ولايرون الخروج عليه بمعصية، ولكن هناك خلاف في الخروج على الإمام إذا كان ظالماً، وهو خلاف من أهل السنة، معتبر، أن يكون ظالماً وأن لا يقيم مقاصد الخلافة، قديكون رجلٌ إماماً مسلماً ولم يكفُر ولكن خليفة ولم يقم بمقاصد الخلافة، فكثير من الأئمة الأوائل والثقات قالوا بجواز الخروج عليه. كأن يزيد ظلمه على عدله، وأن يمنَع الفيء وأن ينتشر في زمانه .. فيجوز حينئذٍ - بتقدير القوة وغيرها - الخروج عليه .. وقالوا: قال الله تعالي: (لا ينال عهدي الظالمين) البقرة 124. - فاحتج به بعض الأئمة أن الإمامة لا تكون لظالمٍ وهكذا ..

الآن الجماعة بهذا المفهوم غير موجودة، لأنه لا يوجد أمير للمؤمنين ممكن يقوم بشئونهم، لكن جماعة من أهل الحق هل هذا يمتنع؟ لا، ولذلك هنا أريد أن أبين لكم أمراً لابدّ أن تسمعوا، وهو يحتاج إلى تفصيل شديد ولكن أمر عليه، لألّا تخلط لديكم الأمور، فتُظنُّوا أنَّ الأحاديث متضاربةٌ ..

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام