فهرس الكتاب
الصفحة 45 من 224

يصلي عليهم جميعاً، ويأمر أن لا يتبَع مُدبِرُهم، يعني الذي يهرب لا يتبع، ولكن يتبَع بشرطٍ، إذا أرادوا أن يلحقوا بجماعةٍ أخرى لهم ..

وفرق بين البغاة والخوارج، فإن الخوارج لهم عقائد، ونحن نحمل عليهم حكم أنهم خوارج لعقائدهم، لا لخروجهم عن الإمام، بمعنى مثلاً لو افترضنا ان فضيلة الشيخ جهيمان (رحمه الله) خرج عن إمامٍ حق - وطبعاً ليس كذلك - فإنه هل يسمى خارجي؟ لا يسمي، ولكن يسمى باغياً، هذا على زعم من ضلَّ وتلعب الشيطان برأسه وذهب وقال عن هؤلاء، أنهم خوارج في هذا الزمان وقال لأنهم خرجوا عن الإمام .. ، فحتّى على هذا المذهب وعلى هذه الطريقة فإنة لا يسمَّى خارجياً، - و الخوارج سنأتي إلى فرقتهم ومتى يسمى رجل خارجى -، حتّى يسمى رجل خارجياً، لابدّ له من صفات مجتمعة فيه، وليست هذه الصفات التي بين أيدينا في البغاة .. لو كان الرجل رفض بيعة الإمام وله تأويل ولم يكن له شوكة ومنعة، هل يقاتَل؟ الصحيح أنه لا يقاتَل، قد يعَزَّر، له الحق أن يعزَّر، [1] فيحْبَس ولكن لا يقاتَل بأن يشرى عليه السيف. إلّا إذا كان له شوكة وقوة ومَنَعة ..

ومن هنا عليكم أن تتوضح لديكم بعض الصُّور مثل قوله صلى الله عليه وسلم (مات ميتة جاهلية) .. لا يعني"جاهلية"أنه كافر. لفظ الجاهلية، لفظٌ له مراتب، ليس مرتبة واحدة، فمن الجاهلية أن يكون الرجل باغياً ولا يبايع الإمام الحق، ومن الجاهلية أن يكون كافراً، ومن الجاهلية أن يكون صالحاً ويعمل عملاً من الأعمال الجاهلية، كقوله صلى الله عليه وسلم لأبي ذر: (إنك أمرؤٌ فيك جاهليةٌ) [2] ، وأبوذر هو الذي قال النبي صلى الله عليه وسلم عنه: (ما أظَلَّتْ الخضراءُ ولا أقلَّت الغبراءُ أصدقَ مِن أبي ذر) [3] .. ومع ذلك يقول له (إنك أمرؤٌ فيك جاهلية) .. فهمتم؟

إذن لا يستدعي لفظ الجاهلية، الكفر، لكن هل من الجاهلية الكفر؟ نعم .. هذا لفظٌ له مراتب كلفظ الكفر ولفظ الإيمان والإسلام، وليس له مرتبة واحدة بل له مراتب .. فلا تضربوا الأمور بعضها ببعض ..

إذا الجماعة الأولى بمعنى الإسلام، والجماعة الثانية في كلامه صلى الله عليه وسلم بمعنى الجماعة المنطوين تحت راية إمامٍ ممكن ..

الآن ثالثاً: الجماعة في كلام - كذلك - أهل العلم، ككلام ابن مسعود رضي الله عنه - لعمروبن ميمون: (الجماعة ما وافق الحقَّ، وإن كنتَ وحدك) . [4]

فإذَن الجماعة هنا أهل الحق .. وعندما فسر الإمام البخارى رحمه الله الجماعة، قال:"هم أهل العلم".. [5]

(1) قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (والباغي المتأول يجلد عند مالک والشافعي وأحمد) . {مجموع الفتاوي 35/ 76} .

(2) متفق عليه. رواه البخاري في کتاب الإيمان برقم 29. ومسلم في صحيحه، باب اطعام المملوک مما يأکل والباسه مما يلبس (برقم 3139) .

(3) أخرجه الترمذي، (3737) وقال هذا حديث حسن.

(4) أخرجه اللاکاني في شرح أصول إعتقاد أهل السنة والجماعة. برقم (139) والطبراني في مسند الشاميين (215) بلفظ:"انما الجماعة ما وافق طاعة الله وان کنت وحدک".

(5) صحيح البخاري (باب قوله تعالي(وکذلک جعلناکم أمة وسطاً) وما أمر النبي صلي الله عليه وسلم بلزوم الجماعة وهم أهل العلم.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام