فهرس الكتاب
الصفحة 37 من 224

«يا رسول الله أرأيت إن لقيت رجلاً من الكفار فقاتلنى فضرب أحدى يدى بالسيف فقطعها ثم لاذ منى بشجرة فقال أسلمت لله، أفاقتلهُ يا رسول الله بعد أن قالها. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا تقتلهُ فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله وإنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال"» . [1]

هذا الحديث معناه: أن هذا الرجل قبل أن يقول تلك الكلمة كان كافراً، إذن قول النبي صلى الله عليه وسلم"أنت بمنزلته قبل أن يقولها"بمعنى إنك إن قتلته بعد تكلمه بهذه الكلمة، تكون بمنزلته، أى تكون كافراً [2] . إذن في هذا الحديث دليل على أن من قتل مسلماً فهو كافر، - هذا المعنى يفهم من هذا الحديث -، الآن لو جاءت فرقة وقالت:"من قتل مسلماً فهو كافر"ونسيَ أهل حديث (من قال لا اله الاالله دخل الجنة) .. ، أجمعوا لنا بينهما! هذا الحديث يقول"من قال لااله الاالله دخل الجنة"وليس فيه اشتراط (إن لم يقتل مسلماً (. وأهل الحديث الآخر يقول بـ"من قتل مسلماً فهو في النار". هذه الفرقة لو أخذت بهذا الحديث فقط، كانت ضالة، لأنها ردَّت الحديث الصحيح الذي يقول(من قال لا إله إلا الله دخل الجنة) . والفرقة الأولى لو أخذت بحديث (من قال لااله الا الله دخل الجنة) فقط، كانت ضالة أيضاً، لأنها ردت الحديث الآخر الصحيح! فهمتم؟

فما هو الطريق؟ هو طريق أهل السنة والجماعة، [3] أنهم يقولون بجميع النصوص، فيعْمِلونها في وقتٍ واحد، فيهتدون فيها إلى الحق. فهمتم هذا؟

إذا فجميع الفرق الضالة، وما من فرقةٍ من فرق الأهواء إلا جاء ضلالهم من جهةِ أنهم أخذوا ببعض النصوص دون بعض، كما قدمنا، نضرب مثالاً آخر: مثلاً في مسائل القدر: النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله عزوجل قبض قبضةً [4] ، فقال: للجنة، وقبض قبضة، فقال: للنار ولا أبالي". [5] "

واضح الحديث؟ ماذا يفيد؟ إن القضية مفروغ منها، والعمل لاقيمة له، إذن ماذا تعمل أنت بعد ذلك، هو جرى على قبض الأول، والقبض الأول هو إرادة الله دخل فيها، - وتقول فرقةٌ بهذا الحديث - إذا عِلْمُ الله بدخول الجنة لبعض عباده، هو الأصل في دخول الجنة ولادور لعمل العامل، أي: القضية مفروغ منها ..

(1) متفق عليه (رواه البخاري: کتاب المغازي 4019، ومسلم: کتاب الإيمان، 139) .

(2) قال الإمام النووي رحمه الله:" (فإنه بمنزلتک .. الحديث) ، فأحسن ما قيل فيه وأظهره ما قاله الإمام الشافعي وابن قصار المالکي وغيرهما أن معناه: فإنه معصوم الدم محرم قتله بعد قوله لا إله إلا الله کما کنت أنت قبل أن تقتله وإنک بعد قتله غير معصوم الدم ولا محرم کما کان هو قبل قوله لا إله إلا الله". {شرح النووي علي مسلم 2/ 106} .

(3) طريق الجمع بين أطراف الأدلة.

(4) أي"من خلقه ومن الناس".

(5) أخرجه الإمام أحمد في مسنده (رقم 16933 و 19747) . ابن بطة في الإبانة (2616) وصحح إسناده الألباني في (السلسلة الصحيحة 1/ 78) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام