فهرس الكتاب
الصفحة 36 من 224

وحقاً؟ أبداً، - طبعاً هذا الأمر مُتوهَّم ولا وجود له، لأن هذا، أمر لا يكون قدراً، ولا تجتمعوا أبداً -. [1]

لكن لو فرضنا أن يقع هذا الأمر، هل يصبح حقاً؟ نعوذبالله! فالإجماع لا ينشيءُ حكماً، لكنه يؤكد حكماً، بمعني: لو جاء حديث نبوي فأخذ به جماعة وأنكره جماعة، فدلالة هذا الحديث على المراد، دلالةٌ ظنيةٌ، لوجود المخالف، بمعنى أنه يسَع للناس - أي أهل العلم - أن يخالف بعضهم بعضاً لوجود الخلاف، لكن لو جاء هناك نصٌ نبوي وأجمعت الأمة على أخذه، أكد لنا أن هذا النص معناه، هو الذي أخذ به من طريق الإجماع وثبوته عن طريق أهل الأمة له أنه حقٌ لاشبهة له. فالإجماع ماذا يصنع؟ يؤكدُ حكماً ثبت بالنص، ولذلك لا إجماع بلا نص، وهذا شرحه كثير .. ، ولكن مصدر التلقى ماهو؟ الكتاب والسنة، فقط ..

الشيء الثاني من مميزات أهل السنة والجماعة - يعني مقتضيات قولنا: هؤلاء أهل السنة - أنهم يأخذون بجميع النصوص.

لماذا هذا القيد؟ لماذا قيد"يأخذون بجميع النصوص"؟

إخواني! الله عزوجل في كتابه والنبي صلى الله عليه وسلم لم يجمع دينه في مسألة واحدة وهذه المسألة في نص واحد. بمعنى الآن لو أردنا أن نعرف ما هو بيان رسول الله صلى الله عليه وسلم في من يدخل الجنة، فلو جاء رجلٌ وأخذ بنصٍ واحد، في من يدخل الجنة، لكان ضالاً، لأنه بهذا النص، إن أخذه مفرداً ولم يأخذ ببقية النصوص، فإنه يرُدُّ بقية النصوص. وعلى هذا فإن جميع الفرق الضالة، قدضلت لأنها أخذت ببعض النصوص دون بعض، وهذا الفهم كان مضادّاً لفهم النصوص الأخري ..

نضرب أمثلةً: عندنا فرقٌ في موضوع الإيمان، من يدخل الجنة؟ من هو المؤمن؟ جاء جماعة من الفرق فقالوا: النبي صلى الله عليه وسلم يقول:"من قال لا إله إلا الله دخل الجنة" [2] ، هذا حديثٌ صحيح. فقالوا هل هناك اشتراط لدخول الجنة غير قوله لااله الاالله؟! فلماذا تجعلون لشرط دخول الجنة أن يصلى ويصوم ويزكي، وأى أمر آخر من الأوامر التشريعية، سواء كان من أركان الدين أو من واجبات الدين أو من مستحبات الدين؟ إذن الرجل يدخل الجنة إذا قال"لا إله إلا الله"و إذا عمل أى شيءٍ بعد ذلك فإنه لايمنع من دخول الجنة ..

هل هذا النص يفيد هذا المعني؟ يفيد هذا المعني .. إذا هذه الفرقة قالت: دخول الجنة معلق بالإيمان والإيمان هو أن يقول العبد"لااله الاالله"فقط ..

جاء فرقة ثانية، فنظرت وقالت: هناك حديث آخر وهو حديث المقداد بن الأسود رضي الله عنه، أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال:

(1) لأن الله تعالي قدّر أن يبقى علي كل حالٍ في العالم، طائفة على الحق باقية إلى أن يأتي أمر الله. قال تعالى: (وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون) الأعراف 181.

(2) أخرجه الحاکم في المستدرک (7746) والطبراني في الکبير (6223) وابن حبان في صحيحه (151) وصححه الألباني في تحقيقه لفقه السيرة.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام