أن تنتبهوا لها في حوارات العقول والمناقشات -، كل إنسان يستطيع أن يقول لك"حتّى الكفر فيه مصلحة". الآن الكفر، أليس فيه مصلحة للناس؟ فيه مصلحة!، الذي يكفر .. ، قال الله عز وجل: (وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أمة واحدةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ) (الزخرف 33 (. الكفر فيه مصلحة! والدين - للمؤمنين به - فيه مفسدة! - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(أشدُّ الناس بلاءً الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الناس على قدر دينهم .. ) الحديث. [1] فالواحد يقول:"من المصلحة أن لايقع عليَّ البلاء ومن المفسدة وقوع البلاء"

عليَّ، فأكفر حتّى لا يقع عليَّ البلاء"!! .."

إذَن يستطيع كل إنسان في هذه الدنيا ان يحاججك .. فمن الذي هو العليم الخبير المطلق الذي يعلم ميزان المصالح والمفاسد، ويعلم أن مصلحة هذا ولو توهَّمْتَها، مصلحة ضعيفة، إلّا أن الشرع يثبت أنها قوية، وذلك بأنَّه أمرك بها .. ، لما الشرع أمرك بهذا إذَن هذا فيه مصلحة راجحة على المصلحة المتوهمة لديك، وحين نهاك عن أمر، إنما نهاك عنه من أجل مفسدته، ولو تَوهَّمْتَ أنه مصلحة راجحة، لأنه لا يوجد في الدنيا، لا يوجد أبداً .. ، يوجد المصالح المطلقة، فقط في الجنة، والمفاسد المطلقة في النار. النار مافيه خير أبداً، والجنة ما فيه شر أبداً. وأما الدنيا فيختلط فيه كل أمر ويختلط فيه المصالح بالمفاسد، وهذا من بلاء الله، وهذا سنبينه أنه كما في قَدَر الله تختلط المصالح والمفاسد، كذلك في القرآن، اللفظ الذي يحتوى على الحق، فيه مايمكن أن يوهِم في العقل مفسدةً، بمعني: هل يستطيع أحد من الناس أن يحتج بما في القرآن والسنة على بعض كفره؟! نعم! جميع فِرَق الضلال التي أخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم إنما ضلَّت لأنها أخذت بغير جانب الحق في النص، أخذت بالجانب الآخر [2] ..

فجانب العقل - عند أهل السنة - يلغَى حين يمْتَثل أمر الله، فإذا وقعت حادثة يبحث عن أمر الله، يعمل به، بعد ذلك ما دور العقل عنده؟ أن يدرك غايات الرب في هذا الأمر، فهو عنده القدرة على أن يرُدَّ على المشككين ويرد على أصحاب البدع ويبين عظمة النص وما فيه من خيرات وما فيه من محاسن. هذا توحيد المصدر لدى الإنسان المسلم، لا يقبل العقل، واضح إخوتي؟ فهذه الجماعة لاتقبل العقل. [3]

هذا بالنسبة للمتكلمين، ثم هي بالنسبة للصوفية، الصوفية ماذا قسيم النص عندهم؟ الصوفية ترى الكشف (الذوق) ، قسيم النص، ولذلك هم يقولون بنظام الذوق .. ،"من ذاق عرف". نظام الذوق الذي يحس له المعانى في قلبي، وهذا للأسف - كما رأيتم أن العقل، كثير ما يسَير

(1) أخرجه النسائي في السنن الکبري (7482) وابن حبان (2920) والحاکم (120) وقال صحيح علي شرط الشيخين. وصححه الارناؤوط في تحقيق مسند أحمد (27124) وصححه الألباني في سلسلة الاحاديث الصحيحة برقم 143.

(2) قال تعالي: (هُوَ الَّذِي أنزل عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ .. ) الآية. آل عمران 7. وقال تعالي: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ(52) لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (53 ) ) الحج {53 - 52} .

(3) أي کمصدر ٍللتلقي.