فهرس الكتاب
الصفحة 26 من 224

هل هذه الفرق مسلمة ام كافرة؟ هذا سنأتي عليه، هذه الفرق التي تنتسب إلى أمة النبي صلى الله عليه وسلم هل هي فرق مسلمة على الحقيقة، وليست كافرة؟ أم أنها تنتسب إلى الإسلام ظاهراً وحقيقتها كافرة؟ هذا بحثٌ سنؤجل الكلام عليه. لكن الآن: النبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا أن جميع الفرق التي تنتسب إلى ملة الإسلام وإلى أمته صلى الله عليه وسلم كلها في النار إلا واحدة وهي الفرقة الناجية، إذن يوجد شعار وهو"الفرقة الناجية". فالفرقة الناجية هي"ما أنا عليه اليوم وأصحابي". ما هو عليه صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: ما هو عليه، هو السنة، .. طريقته هي السنة. والسنة بمعنى الطريق، ف"ما أنا عليه"، أي: السنة.

الآن، في صفة تجمع هذا الشخص - و هو رسول الله صلى الله عليه وسلم - وتجمع الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، هي صفة علاقة أميرٍ بمأمور، ليس فقط علاقة نبي بتابع، وعلاقة معلمٍ بتلميذ، وعلاقة مرشد بتابع، لا! ولكن هناك علاقة أخرى غير علاقة معلم لتلميذه، وعلاقة المرشد لتلميذه، والمرشد لتابعه، لا، هناك علاقة سياسية. واضح؟ ..

علاقة أخري، فيها إمتثال أمر السياسية وغير ذلك، التي فهمها الصحابة حتّى ولو لم يوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فَهُم عليهم أن يكونوا على هيئةٍ ما، من الحياة، ومن هنا لما مات النبي صلى الله عليه وسلم بحثوا الصحابة عن ماذا؟ بحثوا عن الخليفة. لأنهم فهموا أن الفرقة الناجية، ليس فقط وجود النبي صلى الله عليه وسلم بينهم ولكن هناك طريقة العمل لهذه الفرقة الناجية وهو أنها لابدّ أن تكون مجتمعاً على هيئة ما، وعلى طريقة ما، ولذلك ذكر النبي صلى الله عليه وسلم، قوله"و أصحابي". فلو كانت القضية، - يا اخوتي! - هي قضية نبي صلى الله عليه وسلم يرشد أتباعاً أن يتمثلوا أمره، منفردين كلٌ على حِدّة، من غير رابطٍ يجمعهم فإنه لا يستدعى أن يقول صلى الله عليه وسلم"أنا وأصحابي"؛ ويقول ما أنا عليه، اي: تُصلون كما أصلي، تصومون كما أصوم، وتزكون كما أزكي، وتحجون كما أحج، وتقومون الليل كما أقوم الليل، وتذكرون الله كما أذكر الله، وهكذا .. وليس هناك رابطٌ بينكم كلٌ على حدة في بيته وكل واحد في مسجده وكل واحد في منظومة حياته المستقرة لديه بحيث لو كان رجلٌ ما، هناك - حين يسلم -، ملتزم بأمر قيادةٍ قبلية فهو يبقى تحت أمرة قبيلته، أو رجلٌ هناك تحت أمرة قطاع طريق سياسي، فهو تحت أمرته، او واحد ملتزم وتحت أوامر فارس والروم، فهو تحت أمرتهم مع بقاءه متديناً على طريقةٍ دينيةٍ ما، كبعض الأديان التي حُرفت، او الأديان الوضعية التي تقول: أنت تكون تحت أمرة أى منظومةٍ وأى جماعةٍ من غير أن يؤثر علاقتك بهذه المنظومة وهذه الجماعة، على أنتسابك لهذا الدين، مثل مثلاً الآن، الديانة النصرانية التي تقول: كونك أنت تحت الحكومة الأمريكية التي تحكم بنظامٍ علمانى ما، أنت نصراني، نصرانيتك هذه لاتتأثر بعلاقتك بمجموعتك العلمانية السياسية في أمريكا، وكذلك

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام