فهرس الكتاب
الصفحة 223 من 224

عزوجل يقول: (حتّى يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون) [1] . فإذا فسر أهل العلم،"صاغرون"بالمحكومين بأحكام الإسلام - وهذا تفسير الإمام الشافعي رحمه الله وجماعة من أهل العلم - [2] ، إذن (الصاغرون) أي: المحكومون بأحكام الإسلام، إلا بعض الخواص التي تركناها لهم كنسكهم وعبادتهم الشركية. [3]

إذن - إنتبهوا - لماذا نقاتل؟ مِن أجل أن نعيد حكم الله إلى الأرض، لا من أجل أن نزيل الشرك العبادي من الناس والأفراد [4] ، ولكن من أجل أن نزيل الشرك ذات الشوكة والقوة والمنعة، وإقامة حكم الله في الأرض. هذا هو سبب القتال.

الآن، سمّى الله عزوجل الشرك فتنة، والشرك - في هذا الموضع - هو الحكم بغير ما أنزل الله، كما إستقر لدينا في النقطة الأولي ..

وسعينا إلى إصلاح الأمة من الداخل، بأن تزيل الفتنة، هل ممكن أن تزول الفتنة حسب نص الآية؟ لا يمكن. إذن بما تزول الفتنة التي هي - لنقل: الفساد الإجتماعي، والفساد الإقتصادي، والفساد السياسى -، بما تزول، حسب منطوق الآية؟ تزول بتحكيم الشريعة. فالأصل أن نسعيا جاهدين عن طريق نفس القتال لأن نحكم كتاب الله لتزول الفتنة التي هي نتيجة الشرك ..

لمّا حاكمٌ يحكم بغير ما أنزل الله، فيبيح الزنا، فهل تُصبح للأمة فتنة؟ نعم، وتصبح للأمة المعاصي والفتن الإجتماعية من الزنا، والفتن الإقتصادية بسبب عدم تحكيم الشريعة، والفتن السياسية بعدم تحكيم الشريعة .. ، فتنتشر الفتن ..

والطريق، كما تظهر الآية، هو أن نقاتل، حتّى نستلم الحكم فتزول الفتنة، التي هي الإختلال في داخل حياة البشر، مِن الظلم السياسى والفساد الإقتصادى وعدم توزيع الثروة بطريقة عادلة، والفساد الإجتماعي، السرقة، القذف وماشابه ذلك ..

رأيتم الآية كيف تطرح القضية؟ تطرح قضية القتال لإزالة الحكم، فبإستلام الحكم وتطبيق شرع الله، ستزول الفتنة ..

إذن، كيف تزول الفتنة؟ هل في الأخير أم في الإبتداء - أو الأول -؟ الفتنة التي هي نتيجة الشرك، الشرك الذي هو الحكم بغير ما أنزل الله، كيف نبدأ نحن أولاً؟ أولاً لابدّ من القتال. لماذا نقاتل؟ لتحكيم الشريعة. التي هي معناها إزالة الشرك التي تؤدِّي إلى القضاء على الفتن، التي هي إنتشار الصلاح ..

(1) التوبة (29) .

(2) راجع أحکام القرآن للإمام الشافعي رحمه الله.

(3) طبعاً بالضوابط والشروط التي يشترطها لهم الحکومة الإسلامية، وهي تلک الشروط التي ورد في"العهد العمري"أو"الشروط العمرية"، لأهل الذمة. {راجع: أحکام أهل الذمة. لابن القيم الجوزية رحمه الله} .

(4) وإن کان هذا بنفسه، هدفاً مستقلاً ومقصداً من مقاصد الشريعة، والشريعة تسعي إليه من ضمن تحکيم شرع الله في الأرض، بإزالة جميع الموانع في طريق إبلاغ رسالة الحق إلي الناس، ومن ثم تبيين الحق لهم، لتخرج الناس من ظلمات الشرک والکفر إلي نور الإسلام. فتنبه!! ..

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام