الآن، الحركات الإسلامية تريد ماذا تصنع؟ لماذا تسعي؟ تسعى إلى الإصلاح، تريد إصلاح بعض الأعمال السياسية، لأنه السياسيون كذابون ولصوص وسارقون، فتريد أن تصلح، أن تمنع الزنا، وشرب الخمر، وتنشر الصلاح، فإذا إنتشر الصلاح والعدل الإجتماعي، والحرية السياسية والأمن الغذائي، وما شابه ذلك، حينئذٍ تطبيق الشريعة يصبح سهلاً، وحينئذٍ لا يطالَب بالتدريج بالشريعة .. ، الذين يقولون بتدريج تطبيق الشريعة، لماذا يقولون بهذا؟ لأنهم يريدون أن يصلحوا وتُحَكم الشريعة، يصلحوا وتُحَكم الشريعة، يصلحوا وتُحَكم الشريعة و .. ، فهمتم؟، إذن التدريج يكون تابعاً لماذا؟ لعملية الإصلاح، كلَّما أصلحنا شيئاً، حكمنا الشريعة .. ، ولا يقولون أنّ الشريعة يجب أن تُحَكم لتَقضي على الفساد، لا يطرحون هذه القضية ..
فالتنظيمات القائمة للإصلاح - إما الإصلاح السياسي، وإما الإقتصادي، وإما الإجتماعى -، تنظيمات إسلامية قائمة لينتشر الصلاح، حينئذٍ تُطَبَّقُ الشريعة! وحينئذٍ نستلم الدولة! ويصير لنا جيش - أي: جيش الدولة يكون جيشنا! -، وحينئذٍ يمكن لنا أن نقاتل، فنصبح لنا القوة والشوكة والمنعة!! [1] أليس هذا، طريق التنظيمات الموجودة الآن؟! ..
ومتى نقول لهم: عليكم أن تكونوا أصحاب قوة وشوكة ومنعة (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ) ، يقولون: القوة والشوكة والمنعة موجودة! وهي الجيش - أي جيش الطاغوت! -، وهذه بعد إستلام الدولة!. كيف تستلم الدولة؟ بأن نصلح المجتمع ونستلم الدولة من هذا الطريق، لنُحَكم الشريعة، فحينئذٍ يكون الجيش لنا!! ..
وطريق القوة والشوكة والمنَعَة التي يحصل بها القتال، القتال نفسه بماذا يحصل؟ يحصل بالجماعة، لابدّ أن يكون طائفة وتكون لها شوكة وقوة ومنعة ..
إذن، الطريق الصحيح لإقامة هذه الآية، أن تُنشيء جماعة، وشرطها قوة وشوكة ومَنَعَة، تقاتل لتحكيم الشريعة. وبعد أن تستلم الحكومة، تُطَبِّق حكم الله، فتقضي على الشرك الذي يقضي على الفتنة، فينتتشر الصلاح، ويستقيم جميع نواحي الحياة السياسية والإجتماعية والإقتصادية و ..
ولذلك إخواني! فكروا عمق الفساد والمفاسد في مجتمعاتنا!، ما الذي يقضي عليها؟ الآن، هل مشكلة المجتمعات في قِلَّة الدعاة والوعاظ والخطباء؟ تعالوا لنرى السعودية! بالله عليكم!، كم عدد الوُعَّاظ والخطباء والمدرِّسين والشيوخ وطلبة العلم والجماعات، كم عددهم؟ في تاريخ الدولة السعودية، لم يمُر مثل هذا العدد، ثلاث، أربع جامعاتٍ تتخرج كلُّهم الطلبةَ والدعاةَ والوعاظَ. هل الفساد، يزيد أم ينقص؟ يزيد. فما الذي يقضي عليه؟ لمّا جاء محمد بن عبدالوهاب رحمه الله إلى جزيرة العربية، كانت من أفسد البلاد قاطبةً - المنتسبة إلى الإسلام - على وجه الأرض!، من شرك بالله، من عبادة القبور، من قطاع الطريق، ناسٌ لصوصٌ من الدرجة الأولي!، كان قديماً، آباؤنا يقولون:"الذاهب إلى الحج مفقود، والراجع منه مولود"! من كثرة الخطرات واللصوص و ..
(1) طبعاً هؤلاء، جهلوا حرکة الحياة وسنن الله في حرکة التاريخ وبناء الأمم والحکومات، وغفلوا أن قوي الشر والفساد، يفسدون وينشرون الشر والکفر ليل نهار، وما يقوم به هؤلاء التنظيمات من الإصلاح المزعوم - وما أقله! -، يقوم قوي الشر والفساد، في المقابل، بأضعاف أضعافه من نشر دينهم وفسادهم، والقضاء علي کل بذرٍ للإصلاح قبل نبته وميلاده! فهل من مُدَّکر؟!