فهرس الكتاب
الصفحة 219 من 224

لكن في الحقيقة - كما قلنا -، قدّرنا أنّ المطلقات لا وجود لها، إلّا في الأذهان، فكلمة"اليد"، لا يصبح لها على أرض الواقع شيءٌ إلا إذا قيدت، إذن التأويل عندهم، هو صرف اللفظ عن ظاهره - وهو المعنى المتبادر إلى الذهن - ..

في حالٍ أن كلَّ شيءٍ حقيقة، ولغة العرب حقيقة، ومن هنا، أنكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، المجاز في القرآن، قال، لأن الشارع يتعامل بالحقائق [1] ..

صار هكذا، التأويل عند أهل البدع ..

الآن، كيف نُنزل كلمة (وما يعلم تأويله إلا الله) على المعنى الشرعي؟ وكيف نُنزلها على المعنى البدعي؟ لأنا قلنا، أن المصيبة هي أن نأتي باللفظ ونحمله على معنى آخر، غير معناه الأصلي المراد به. قلنا معنى التأويل: إمّا التفسير، وإمّا حقيقته.

*إذا كان النص (اللغوي) يحتمل خبراً، فتأويله ماهو؟ تأويله، وقوعه.

لكن إذا كان النص، يحتمل حكماً شرعياً، أو أمراً شرعياً، فما هو تأويله؟ تأويله، العمل به، وتطبيقه وإمتثاله. ولذلك كانت تقول عائشة رضي الله عنها:"كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثِر أن يقول في ركوعه وسجوده سبحانك اللَّهم ربّنا وبحمدك اللَّهم اغفر لي، يتأوَّل القرآن" [2] ..

أي: انتقل من حالة الأمر إلى حالة التطبيق، وهذا هو التأويل. والقرآن فيه أخبار وأحكام. فالأخبار، هناك أخبار نعلم حقائقها، ورأينا بأم أعيننا، وهناك أخبار غيبية، من الأخبار الغيبية، كيفية ذات الله سبحانه وتعالى وكيفية صفاته. الآن كيفية الذات، (لا يعلم تأويله الا الله) ، بمعني، التأويل، وهو حقيقة الشيء. هل يعلمها الراسخون في العلم؟ لا. - لا يعرفون كيفية الذات والصفات -، فقط عندنا الأسماء ونعلم معناها .. ، وكذلك لا يوجد في الأرض من الجنة إلا الأسماء فقط! ..

فنحن نعلم الأسماء، ولا نعلم كيف الحقائق، وإذا رأيناها، صرنا نعرف حقيقتها. يعني لما ندخل الجنة ونعرف حقيقتها، نقول هذا، تأويل الجنة ..

فعلى هذا المعني، هذا (لا يعلم تأويله إلا الله) ، لأنه من أمور الغيب ولا يعلمها أحد إلا الله، لكن إذا كانت في قضايا الأحكام، هل يعلم تأويلها الراسخون في العلم؟ نعم.

الآن نأتي إلى قضية (صرف اللفظ عن ظاهره إلى معنى آخر محتمل لقرينة) حينئذٍ (وما يعلم تأويله إلا الله) - بإعتبار حقيقته -، حينئذٍ على فهم المتكلمون: (وما يعلم تأويله إلا الله) والراسخون يعلمونه أيضاً! بصرف ظاهره إلى معنى آخر، فهم يعلمون حقيقته!! ..

(1) انظر مجموع الفتاوي (7//88 وو 90 - 96 و 108) . (لتفصيل هذا الموضوع، راجع کتب المرجع من أصول الفقه، وراجع"معالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة"للجيزاني ص 115 - 110) .

(2) متفق عليه (البخاري. باب التسبيح والدعاء في السجود. رقم 817. ومسلم .. باب: ما يقال في الرکوع والسجود. رقم 746) . وانظر (مجموع الفتاوي ج 13/ص 270 - 314)

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام