طبعاً، الحقيقة الوجودي، لا تقصر فقط على الحقائق المادية، ولكن كذلك على سنن الله الإجتماعية والخلقية، لو أنّ إنساناً تصوَّر أنَّه مؤمن، صار عنده وجود ذهني ٌ بأنه مؤمن، وأنه تستلزم نزول نصرة الله عليه، وهو على الحقيقة غير موجودة (أي ليس بمؤمن) .. ، كما يظن بعض المشايخ ويظن بعضنا أن هذه الجماعة قد بلغت حداً يستحق أن ينصرها الله عزوجل، وفي الحقيقة لم تبلغ، بل أنها - ذهنياً - تعتقد أنها قد بلغت لوازم النصرة، وهي في الحقيقة لم تبلغ؛ .. هذا الأمر ماذا؟ ضلال وانحراف ..
طبعاً - في إرتباط هذا الأمر بالشريعة -، يجب أن نعلم أن أيَّ إختلال في مطابقة الوجود الذهني والوجود الحقيقي، أيَّ اختلالٍ فيه، يعتبر ضلالاً وتزويراً وكفراً. كيف؟! الوجود العيني، يجب أن تعرفه كما هو، وأيُّ تزوير ٍ فيه يؤدي إلى الشرك. ومن أمثال هذا، السحر. لو جاء رجلٌ وزوّر لنا حقيقة الشيء، هذا ما اسمه؟ السحر.
مثلاً: هذا في الأصل، حبلٌ، فزوّرها فأراها للناس أنها حية تسعي، زوّر لهم حقائق الأشياء، هذا سحر! تزوير حقائق الأشياء كفرٌ ..
هذه القضية، تصل إلى درجة تزويرٍ لحقيقة المرأة، المرأة المشوَّهة!، لا يجوز للمرأة أن تأشِرَ أسنانها، حيث تَتَجمَّل للناس! [1] ، يجب أن يبقى الوجود الحقيقي كما هو! ..
تصوّروا هذه القضية، تصوّروا قضية عظمة الإسلام في قضية تقرير بقاء الحقائق الكونية كما هي! .. [2]
بعض الناس، كل إهتمامهم بالشرعيات، لمّا تأتي إلى الحقائق، لا يهتمون بهذه المسألة، ولذلك من ضلال المسلمين قديماً، أنهم اعتقدوا بقضية تغير الجواهر إلى جواهر أخري، حيث اعتقدوا بالكيمياء!، ما معنى الكيمياء عند الأوائل؟ تحوُّل المعادن إليا الذهب!، ضلالٌ كبير .. ، فالحقائق كما هي لا تتحول .. ،"لا تتحول"، ليس معناه أن لا تتغير بحسب السنة وعن طريق سنة الله في الكون، مثلاً: المني أصبح جنيناً، والجنين صار طفلاً، هذا جارٍ بالسنة، لكن تغيير الحقائق بتستيرها لا يجوز. مثلاً: لحيتك بيضاءٌ، إذا سترتها بالسواد، أنت مُزوِّر!. لأنَّ الله أنزل الشريعة مطابقة للحقيقة الكونية، .. هكذا تمشي الشريعة مع الحقيقة الكونية، فإذا اختلط عندك الحقيقة الكونية، فالشريعة تَخْتَلُّ، يعني تصير بحيث تَنزل على مُسمَّيات غير صحيحة!، هذا الذي ينتهي بالضلال في الأمة، يعني، تنزل الأسماء الشرعية على حقائق باطلة، مثل"إسباغ الشرعية على واقع غلط وغير شرعي"، ومثل أن نُسَمِّي مسلماً، كافراً، والكفر إسلاماً، والإسلام كفراً ..
(1) قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:"لعن الله الواشمات والمستوشمات والنامصات والمُتَنمِّصات والمتفلِّجات للحسن المغيرات خلق الله". {رواه مسلم 3966} . قال النووي رحمه الله في شرحه: « (المتفلِّجات) : المراد مُفْلَجَات الأسنان بأن تبرد ما بين أسنانها الثنايا والرّباعيات، وهو من الفَلج، وهي فرجة بين الثنايا والرباعيات، وتَفعل ذلک العجوز ومن قاربها في السِّن إظهاراً للصغر وحسن الأسنان، لأن هذه الفرجة اللطيفة بين الأسنان تکون للبنات الصغار". 1 ه."
(2) ومن مصاديق هذه المسألة في الشريعة: أنّ مَن جُهِل أبوه، لا يدعي بغير اسم أبيه الحقيقي، بأن يقال له مثلاً: (ابن فلان) ، بل يدعي مولي وأخاً في الدين، منعاً من تغيير الحقائق. کما جاء في آية (5) من سورة الأحزاب.