في تاريخنا نشأت أفكارٌ، غزت الأمة حتّى إستقرت فيها وجلست، وتحت مسمى الدين ...
كيف يريد الشيطان أن يتحرك مع المسلم؟ - لأن الشيطان، لكل واحد من البشر إذا وقف أي موقفٍ، لابدّ أن يكون له طريقة وأسلوب يتعامل به مع هذا الإنسان، فصاحب الشهوة، الرغبات يحرك به، فالشيطان يسَول له بأن يغلب عليه الشهوة، وصاحب الشبهة - أى صاحب الظن - يتلعب به الشيطان من خلال أوهامٍ تترسخ في دينه على أنها الحق، وأنها الإسلام -. فهمتم إخواني!؟.
نحن في تاريخنا صار القائد لنا هو القرآن، والقائد لنا، هو السنة، وهما يحملان أوامر ويحملان مصطلحات، فكيف يأتي الشيطان على المتعبد الذي يتبع الكتاب والسنة؟
أعظم لعبةٍ مُرست عليه، بأن فُرغت كلمات الحق، كلمات القرآن والسنة من معانيها الصحيحة، ووضعت بدلاً منها معاني باطلة، لأن خاصية هذه الدنيا أنه لا يوجد فراغٌ. بمعني: أن كأساً من الماء، لايمكن أن تضع فيه الزيت حتّى تفرغه من الماء، واضح إخوتي؟ .. وكأس الزيت لا يمكن أن تضع فيه الماء حتّى تفرغه من الزيت. ومن هنا قال السلف:"ما من بدعة أحييت إلا أميتت بدلاً منها سنة، وما أحييت سنة إلا أميتت بدلاً منها بدعة" [1] .
ولذلك، فإن الإنسان من حيث أنه، عبدٌ خلقاً وفطرةً، لذا لايستطيع الإنسان أن لا يكون عبداً، إما أن يكون عبداً لله، وإما أن يكون عبداً لغيرالله عزوجل، لأن العبودية في الإنسان، ليست صفة طارئةً، بل هي صفةٌ أصيلةٌ وصفةٌ ذاتيةٌ في خلقته. واضح؟ ..
الآن نحن كما قلنا، كلمة الإيمان التي هي مدار البحث، هذه الكلمة قد دخل فيها من المفاهيم الباطلة وقد أخرج منها من المفاهيم الحق، فهذه الكلمة جُردت من حقيقتها، فصنعت منا كما صنعت. المسلم الآن - حتّى المتدين - هو كلٌ عاجزٌ لايأتي بخير، لفقدان كلمات الحق مدلولها الصحيح عنده .. ، فنحن نهتم في هذه الدروس أن نبسط هذه الكلمة بطريقةٍ سهلةٍ بسيطةٍ، لنعيد إليها بعد ذلك نضارتها التي تعامل بها السلف، وتعامل بها الصحابة رضوان الله عليهم. فإذا إجتمع لدينا العلم الصحيح لكلمة الإيمان ولكلمة التوحيد، ثم فُرغت أهواءنا من الإقبال على المعاصى بتسويل الشيطان لنا في المعاصي، بعد ذلك نُقبل على مراد الله عز وجل إقبالاً صحيحاً .. وللذكر، فإن أول معصيةٍ وقعت من الإنسان، كانت بإجتماع الظن والهوي. ما هي أول معصيةٍ وقعت من الإنسان؟ آدم عليه السلام، قال الله سبحانه وتعالى له، لاتقرب هذه الشجرة، هذه شجرة المعصية، فسماها الشيطان"شجرة الخلد" {هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى} طه 120
فأول معصيةٍ وقعت من الإنسان هو بتغيير الحقيقة، تغييرحقيقة الشيء لدى الناظر، ها! .. ثم بعد ذلك بإثارة مكامن الشهوة لديه، وأعظم مَكمَنٍ للشهوة هو حب الملك والبقاء.
الإنسان لم يسعي؟ إما للتملك، وإما لبقاء حياته، فأول معصيةٍ وقع فيها الإنسان كانت بسبب تغيير حقايق المعاني. ومن هنا، فالسحر لأنه يغير حقيقة الأمور على ما هي عليه، في نظر
(1) روي الطبراني في المعجم الکبير (رقم 10463) وابن بطة في الإبانة (رقم 11 و 233) عن ابن عباس رضي الله عنهما، انه قال:"ما يأتي علي الناس من عام إلا أحدثوا فيه بدعة وأماتوا فيه سنة، حتّي تحيا البدع وتموت السنن".