فهرس الكتاب
الصفحة 203 من 224

بعد ذلك، الأمة بصفاء السنة وصفاء الفطرة والعقيدة، وصفاء التوحيد، كانت قوية في عدم قبول أي دخن يطمس هذا التوحيد .. لكن الشيطان أتى إليهم بألاعيب ..

أول مصيبة - بلا شك -، قامت حركة الردة، وقام أبوبكر رضي الله عنه، ومعركة أبي بكر رضي الله عنه مع المرتدين هي معركة ماذا؟ التوحيد ..

ثم جاءت الأمة ورَبَطَ أن تأخذ من زبالات اليونان وزبالات أهل الكفر، فدخلوا منطق اليوناني على أمة محمد صلى الله عليه وسلم وأدّى بهم إلى أن يقولوا أن القرآن ليس كلام الله، بل هو مخلوق!!، وأدّى بهم إلى أن جَرَّدوا ذات الله تعالى عن الصفات، ومئآل أمرهم - كما قال الإمام أحمد رحمه الله - التعطيل المحض، أي: أن يقولوا: ليس في الكون إلهٌ، وهو الذي أدّى إلى القول بوحدة الوجود ..

فكان من إحدى الحركات التجديد الظاهرة البينة، هي فعل الإمام أحمد؛ ومعركته مع الناس على أمرين: الأمر الأول: توحيد الله بالعبادة .. والأمر الثاني: توحيد مصدر التلقي. هذه هي معركة الإمام أحمد. قال للناس: أن هذا شرك وكفر، وجادل الناس عليها ..

لم تكن حركة الإمام أحمد تجديداً في مسائل الفقه. لم تكن حركة الإمام أحمد التجديدية في مسألة من مسائل الفروع، ليحارب الناس - مثلاً:"أنني أقول أن الطلاق هو كذا، وليس كما يقوله الناس".. ، ليست هذه حركته التي سُجِن وعُذِّب من أجله وجادل الناس عليها. رحمه الله ..

حركة الإمام أحمد التجديدية، هي ردُّ ما إستأثر الله به، من دون خلقه، إلى الله، وما أراد المشركون في ذلك الوقت أن يحرموا الرب عزوجل من هذا الحق. وهو صفاتٌ وأسماء له، والمعركة هذه، كانت واضحة وبينة، أنه حارب الناس وحفظ الله به زوال الدين، بأن بين للناس هذا الحق الذي ينبغي أن ينسَب إلى الله، ولا يسْلَب منه، لان هذا السلب، هو شرك وكفرٌ ..

و ثُم الأمر الآخر - في معركته رحمه الله -، منع المناهج الباطلة في الإستدلال على الحق، وهو الذي إنتشر في ذلك الزمان، الذي يسمَّى بعلم الكلام. وظَنُّوا أن علم الكلام، هو منهج صوابٌ في الإستدلال به على الحق ومعرفة الصواب. وكانت الحرب طاحنةً، نصر الله عزوجل به، أهل السنة على غيره ..

وكذلك، فإن الحركات التجديد، يدل على أن هذه الحركات كلها حركات على معركة التوحيد، وليدل على أن القائل بأن {الأمة تفهم التوحيد في أي طور، ولا ينبغي أن تجدد هذه المعالم} . هو ضالٌّ ومنحرفٌ ولا يعرف التوحيد. وسيتين لنا من كلام الأئمة أن «الذي لا يخاف على الأمة الشرك فهو في الأساس، لا يعرف ماهو التوحيد» . الرجل الذي لا يخاف على الأمة أن تقع في الشرك، هو الرجل الذي لا يعرف ما هو التوحيد. كما قال الإمام عبدالرحمن بن حسن بن محمد بن عبدالوهاب، قال - في كتابه فتح المجيد:"الذي لا يخاف على نفسه النفاق، هو الذي لا يعرف ماهو التوحيد، واالذي لا يخاف الشرك على الناس، لا يعرف ماهو التوحيد"1 ه.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام