فهرس الكتاب
الصفحة 197 من 224

فيه، كن كما شئت في هذه المسائل، و - تقول العلمانية - أُعطوهم هامشاً فيه مسائل النسك، لك أن تعبد الله وتصلي في المسجد و ..

فهم قالوا: في مسائل الأخبار لا نتدخل، نحن نظامنا في هذه القضايا الثلاث التي هي: أحكام: أولاً: الإقتصادية. ثانياً: السياسية وثالثاً: الإجتماعية.

إذن العلمانية في الحقيقة، هي إفراز للنصرانية، لأن النصرانية تضع الأخبار ولا تتدخل في قضايا الأحكام وتتركها للناس، إفعلوا ما شئتم، نظِّموا حياتكم كما تريدون، بالمسألة التي تُعجِبُكم وتكتشفونها!، لها بعض الأحكام الخاصة، لكن لا تؤثر على المسيرة العامة في أساس نظرة"مَن له حقُّ إعطاء الأمر"..

إذن العلمانية - وهي اللادينية - قالت للناس: نحن مسائل الأخبار لا نتدخل فيها، بيننا وبينكم الأحكام، لمّا يأتي مَن يضع النظام الإقتصادي، لابدّ أن يرجع إلى قضايا معينة فيها،"الإقتصادية"، قالوا: النظام الحاكم فيها - أي في الأمور الإقتصادية - وهو"الرأسمالية"في العلمانية؛ و"السياسية"ما هي؟ الديمقراطية. و"الإجتماعية"، ماهي؟ الذي يسميها"الحريةالإجتماعية = الليبرالية".. ، مفهوم هذه القضية؟ ..

والمسلمون المغفَّلون، عندهم الكفر ماهو؟ المتعلق بالتصديق. فجاءت جماعة العلمانيين وقالت لهم: لأن الإيمان عندكم متعلق بالتصديق، إذن أنتم مؤمنون والقضايا الأخرى ليست من الإيمان، هذه لا تضر إيمانكم!، فنحن نتدخل فيها ..

في النتيجة، الأمة من خلال فكر الإرجاء الذي يرى الإيمان هو التصديق، ولا يرى الإيمان هو الإمتثال، لمّا جاءتهم الشيوعية، قالوا بأنها كفر. لكن عندما جاءت العلمانية، رجلٌ يقول أنا علماني، ويمكن أن يصلي ويسجد ويقرأ القرآن ويمكن أن يذهب إلى العمرة وأن يطلق لحيته .. ، فيقول المسلم، كيف أكفِّر هذا الرجل؟ وبعد ذلك يقول هذا العلماني؛ أنا مسلم، والقرآن حق وهو دستور الأمة. - طبعاً دستور الأمة بأي مفهوم؟ بمفهوم إعطاء الأخبار، أمّا دستور الأمة الذي يقول:"إجلس، أركض، أقتل، جاهد، عادى الكفار، أنصر أولياء المجاهدين و .. ، فهذه القضايا كلها تحت قدمه أضاعها -؛ .."

فلذلك العلمانيون ليسوا كفاراً عند هؤلاء المسلمين، بل هم مسلمون لأنهم لا يتدخلون في قضايا الأخبار ..

بأيِّ بيئةٍ نجحت العلمانية؟ مع أيِّ فكرٍ؟ مع الفكر الإرجائي. فلذلك الآن، صار سهلاً جداً، ونسمع صباح مساء:"مسلم ديموقراطي"!،"مسلم رأس مالي"!،"مسلم ليبرالي"!، و .. ، وبعد ذلك، لا يجوز لأحد أن ينازعه في هذه القضايا، هذا، هو الواقع الذي نعيشه وأثمره الفكر الإرجائي، مع إستغلاله من جانب العلمانية ..

فلذلك، فكر الإرجاء، كان هو التربة الطيبة التي أفرزت أو التي جنت العلمانية الكافرة منها العسل. والآن، عند المسلمين، الصعب جداً أن يكفِّروا واحداً علمانياً .. ، المصيبة، ديموقراطي، وكافر؟! ..

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام