فهرس الكتاب
الصفحة 194 من 224

فهذا شرطٌ باطلٌ في دين الله عزوجل للحكم على الأشخاص ..

ماذا أثمرت هذه القضية في واقعنا؟

أولاً: مما أثمرت فيه، لمّا إنتشرت هذه المقالة السوء في أمة محمد صلى الله عليه وسلم، فصار المرء يكفي أن يعتبر نفسه مسلماً وهو يعتقد فقط ماجاء به الإسلام، فقط يعتقد، أمّا أن يقوم بالأعمال، فليس هذا شرطاً في الحكم على الرجل بالإسلام والإيمان! ولذلك هؤلاء القوم المرجئة، تصوَّروا لنا رجلاً مسلماً ومؤمناً، ولا يقوم بأي عملٍ من أعمال الإيمان، التي هي إمتثال الأمر، وقالوا عنه أنّه مسلم، وهذه النقطة جلَّاها ابن القيم رحمه الله في كتابه"الصلاة"، رجلٌ إدّعى أنه مسلم. ولم يقم بأي عملٍ من أعمال الإسلام، ماحكمه؟ الكافر. [1] كيف تعرف أن هذا الرجل لا يقوم بأيِّ عملٍ من أعمال الإسلام؟ بالصلاة، فمن ضَيع الصلاة، كان لغيرها أضْيع ..

الآن نأتي إلى ثمار هذا القول المنحرف:

فكروا معنا قليلاً، إنتبهوا إلى المصيبة والطامة التي وقعت فيها الأمة ..

أولاً: تركوا الأعمال، تركوا دين الله وتصوروا أنه يكفي للرجل أن يكون مسلماً، ذن يصدِّق فقط. من الذي استغلَّ هذا الإنحراف؟ ..

كلُّ دينٍ في الدنيا، ما يوجد دين في الدنيا أبداً، إلا ويطرح هذه القضايا: وهي: 1 - أن يأتي بأخبار. و 2 - أن يأتي بأحكام. هذا هو الدين، «دين=يصَدِّق الخبر» ، و «دين=يمتثل الأمر» . وقد يطلق الدين على الخبر لوحده، وقد يطلق الدين على الحكم، كما سمَّى الله عزوجل: (ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك) [2] ، هنا كلمة الدين على ماذا أطلقت؟ الحكم، حكم الملك، على تشريع الملك، قضاء وحكم الملك. وقد يطلق الدين على الأخبار ومسائل التصديق. لكن الدين هو الشامل للأمرين.

الآن، كل دينٍ في الدنيا، لابدّ له من أخبار، ولابدّ له من أحكام. الآن نأتي إلى النصرانية مثلاً: هل فيها أخبار؟ نعم فيها أخبار، - مثلاً - أنه يجب أن يصدِّق أن المسيح (ابن الله، أو هو الله، على خلاف بينهم) ، ويجب أن يعتقد - على خلاف بينهم - هل هناك الجنة والنار، و .. ، هكذا عندهم أخبار، هل عندها أحكام؟ هل تضع النصرانية تشريعاً معيناً عندهم للأحكام؟ نعم. قاعدتهم:"دع ما لله، لله، وما ليقصر، لقصير"، ففيها قضايا أحكام الدنيوية، كيف تبيع، كيف تزوج و .. ، هذه متروكة للناس، والنصرانية تسمى ماذا؟ ديناً. في النصرانية، من الذي أعطى الناس حق التشريع في الأحكام؟ من؟ الدين نفسه، النصرانية نفسها، أعطى للناس هذا، وقال للناس: لكم حق أن تُشَرِّعوا، أمّا قضايا الأخبار، - قالت النصرانية - هي حق لي. فهي التي أعطاهم الحق في هذا، وهي التي سلبهم الحق في هذا، إذن هي دينٌ.

و اليهودية نفس الشيء ..

(1) راجع کتاب (تنبيه الغافلين إلي إجماع المسلمين علي أن ترک جنس العمل کفر في الدين) . للشيخ (حمدبن عتيق النجدي) رحمه الله.

(2) يوسف (76) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام